للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا محبة الطبع لأن كل أحد مجبول على حب نفسه أشد من غيرها فمعنى الحديث لا يكون إيمانك كاملا حتى تؤثر رضاى على رضى نفسك وان كان فيه هلاكك ونظيره قوله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فهم مع احتياجهم آثروا أنفسهم على أنفسهم وكذا المحب آثر رضى المحبوب على رضى نفسه مع كون محبته لنفسه أشد من محبته له وقيل ان ثمود فى الابتداء آمنوا وصدقوا ثم ارتدوا وكذبوا فاجراهم مجرى إخوانهم فى الاستئصال فتكون الهداية بمعنى الدلالة المقيدة قال ابن عطاء البسوا لباس الهداية ظاهرا وهم عوارى فيتحقق عليهم لباس الحقيقة فاستحبوا العمى على الهدى فردوا الى الذي سبق لهم فى الأزل يعنى أن جبلة القوم كانت جبلة الضلالة فمالوا الى ما جبلوا عليه من قبول الضلال فان السوابق تؤثر فى العواقب بدون العكس فلا عبرة بالهداية المتوسطة لأنها عارضة (قال الحافظ) چون حسن عاقبت نه برندى وزاهديست آن به كه كار خود بعنايت رها كنند فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ الهون مصدر بمعنى الهوان والذلة يقال هان هونا وهوانا ذل كما فى القاموس وصف به العذاب للمبالغة اى اخذتهم داهية العذاب المهين كأنه عين الهوان وبالفارسية صاعقه عذاب خواركننده يعنى صيحه جبرائيل ايشانرا هلاك كرده فالصاعقة هى العذاب الهون شبه بها لشدته وهو له كما بين فيما سبق وقيل صاعقة من السماء اى نار فاهلكتهم وأحرقتهم فيكون من اضافة النوع الى الجنس بتقدير من اى من جنس العذاب المهين الذي بلغ فى إفادة الهوان للمعذب الى حيث كان عين الهوان بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من اختيار الضلالة والكفر والمعصية قال الكاشفى بسبب آنچهـ بودند كسب كردند از تكذيب صالح وعقر ناقة يقول الفقير اما حكمة الابتلاء بالصيحة فلعدم استماعهم الحق من لسان صالح عليه السلام مع أن الاستحباب المذكور صفة الباطن وبالصيحة تنشق المرارة فيفسد الداخل والخارج واما بالنار فلأحراقهم باطن ولد الناقة بعقر امه فابتلوا بالإحراق الظاهر ألا ترى ان يعقوب ذبح جديا بين يدى امه فابتلى بفراق يوسف واحتراقه على ما قاله البعض وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا من تلك الصاعقة وكانوا مائة وعشرة انفس وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك او عقر الناقة وفيه اشارة الى التنجية من عذاب النار وهى انواع فمنهم من نجاهم من غير ان رأوا النار عبروا القنطرة ولم يعلموا وقوم كالبرق الخاطف وهم الاعلام وقوم كالراكض وهم ايضا الأكابر وقوم على الصراط يسقطون وتردهم الملائكة على الصراط فبعد وبعد وقوم بعد ما دخلوا النار فمنهم من تأخذه الى كعبيه ثم الى ركبتيه ثم الى حقويه فاذا بلغت القلب قال الحق تعالى للنار لا تحرقى قلبه فانه محترق فى وقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا وصاروا حمما الامتحاش سوخته شدن والحمم جمع حممة بالضم وهو الفحم كما فى القاموس وفى الحديث يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من النار من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما نبت الحبة فى جانب السيل واشارت الآية الى ان سبب النجاة من النار هو الايمان والتقوى وهما من صفات القلب فاذا هرب العبد من

<<  <  ج: ص:  >  >>