للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى تمليكه كما قال الملائكة أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا من أين يكون له ذلك ويستأهل وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ اولى بالرياسة عليه منه بالرياسة علينا وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ اى لم يعط تروه وكثرة من المال فيشرف بالمال إذا فاته الحسب يعنى كيف يتملك علينا والحال انه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق منه ولعدم ما يتوقف عليه الملك من المال ولا بد للملك من مال يقتصد به. وسبب هذا الاستبعاد ان النبوة كانت مخصوصة بسبط معين من أسباط بنى إسرائيل وهو سبط لاود بن يعقوب ومنه كان موسى وهارون وسبط المملكة سبط يهودا بن يعقوب ومنه كان داود وسليمان ولم يكن طالوت من أحد هذين السبطين بل هو من ولد بنيامين بن يعقوب وكانوا عملوا ذنبا عظيما ينكحون النساء على ظهر الطريق نهارا فغضب الله عليهم ونزع الملك والثروة منهم وكانوا يسمونه سبط الإثم وكان طالوت يتحرف بحرفة دنية كان رجلا دباغا يعمل الادم فقيرا او سقاء او مكاريا قالَ لهم نبيهم ردا عليهم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ اى اختاره فان لم يكن له نسب ومال فله فضيلة اخرى وهو قوله وَزادَهُ بَسْطَةً اى سعة وامتدادا فِي الْعِلْمِ المتعلق بالملك او به وبالديانات ايضا وَالْجِسْمِ بطول القامة وعظم التركيب لان الإنسان يكون أعظم في النفوس بالعلم وأهيب في القلوب بالجسم وكان أطول من غيره برأسه ومنكبيه حتى ان الرجل القائم كان يمد يده فينال رأسه لما استبعدوا تملكه بسقوط نسبه وبفقره رد عليهم ذلك اولا بان ملاك الأمر هو اصطفاء الله وقد اختاره عليكم وهو اعلم بالمصالح منكم وثانيا بان العمدة فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة امور السياسة وجسامة البدن ليعظم

خطره في القلوب ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الحروب وقد خصه الله تعالى منهما بحظ وافر وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ لما انه مالك الملك والملكوت فعال لما يريد فله ان يؤتيه من يشاء من عباده وَاللَّهُ واسِعٌ يوسع على الفقير ويغنيه عَلِيمٌ بمن يليق بالملك ممن لا يليق به وفي التأويلات النجمية انما حرم بنوا إسرائيل من الملك لانهم كانوا معجبين بانفسهم متكبرين على طالوت ناظرين اليه بنظر الحقارة من عجبهم قالوا ونحن أحق بالملك منه ومن تكبرهم عليه قالوا أنى يكون له الملك علينا ومن تحقيرهم إياه قالوا ولم يؤت سعة من المال فلما تكبروا وضعهم الله وحرموا من الملك: قال السعدي قدس سره

يكى قطره باران ز ابرى چكيد ... خجل شد چو پهناى دريا بديد

كه جايى كه درياست من كيستم ... كر او هست حقا كه من نيستم

چوخود را بچشم حقارت بديد ... صدف در كنارش بجان پروريد

سپهرش بجايى رسانيد كار ... كه شد نامور لؤلوى شاهوار

بلندى از ان يافت كو پست شد ... در نيستى كوفت تا هست شد

ومن بلاغات الزمخشري كم يحدث بين الخبيثين ابن لا يعابن والفرث والدم يخرج من بينهما اللبن يعنى حدوثا كثيرا يحدث بين الزوجين الخبيثين ابن طيب لا يعاب بين الناس ولا يذكر بقبيح وهذا غير مستبعد لان اللبن يخرج من بين السرجين والدم وهما مع كونهما مستقذرين لا يؤثران في اللبن بشئ من طعمهما ولونهما بل يحدث اللبن من بينهما لطيفا نظيفا سائغا

<<  <  ج: ص:  >  >>