للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لان الله تعالى قد وهب له الوجود فلا يرجع عن هبته فانه غنى وما ورد من ان الحيوانات العجم تصير ترابا يوم القيمة حتى يتمنى الكافر ان يكون مثلها فذلك ليس باعدام محض بل الحاق بتراب ارض الآخرة ويجوز أن يقال ان وجودات الأشياء الخسيسة لا اعتبار لها والله سبحانه وتعالى أعلم وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ الوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره اى حفظهم من النار وصرفها عنهم وبالفارسية ونكاه ميدارد حق تعالى بهشتيانرا واز ايشان دفع ميكند عذاب دوزخ وفيه اشارة الى عذاب البعد وجحيم الهجران فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ منصوب بمقدر على المصدرية او الحالية اى اعطى المتقون ما ذكر من نعيم الجنة والنجاة من عذاب الجحيم عطاء وتفضلا منه تعالى لاجزاء للاعمال المعلولة واحتج اهل السنة بهذه الآية على ان كل ما وصل اليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة ونعيمها فانما يحصل بفضل الله وإحسانه وانه لا يجب عليه شىء من ذلك ففى اثبات الفضل نفى الاستحقاق فجميع الكرامات فضل منه على المتقين حيث اختارهم بها فى الاول وأخرجها من علل الاكتساب فان الاكتساب ايضا فضل إذ لو لم يخلق القدرة على كسب الكمالات وتحصيل الكرامات لما وجد العبد اليه سبيلا وفى الحديث لا يدخل أحدا منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار ولا أنا الا برحمة لله اى ولا انا أدخل الجنة بعمل الا برحمة الله وليس المراد به توهين امر العمل بل نفى الاغترار به وبيان انه انما يتم بفضل الله قال ابن الملك فى الحديث دلالة على مذهب اهل السنة وحجة على المعتزلة حيث اعتقدوا ان دخولها انما يحصل بالعمل واما قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ونظائره فلا ينا فى الحديث لان الآية تدل على سببية العمل والمنفي فى الحديث عليته وإيجابه انتهى قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى مواقع النجوم الدخول برحمة لله وقسمة الدرجات بالأعمال والخلود بالنيات فهذه ثلاثة مقامات وكذلك فى دار الشقاوة دخول أهلها فيها بعدل الله وطبقات عذابها بالأعمال وخلودهم بالنيات وأصل ما استوجبوا به هذا العذاب المؤبد المخالفة كما كانت فى لسعادة الموافقة وكذلك من دخل من العاصين النار لولا المخالفة لما عذبهم الله شرعا نسئل الله لنا وللمسلمين ان يستعملنا بصالح الأعمال ويرزقنا الحياء منه تعالى ذلِكَ آن صرف عذاب وحيات أبدى در بهشت هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز وراءه إذ هو خالص من جميع المكاره ونيل لكل المطالب والفوز الظفر مع حصول السلامة كما فى المفردات يقول الفقير لما كان الموت وسيلة لهذ الفوز وبابا له ورد الموت تحفة المؤمن والموت وان كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما أحد الا والموت خير له اما المؤمن فانما كان الموت خيرا له لانه يتخلص به من السجن ويصل لى النعيم لمقيم فى روضات الجنات واما العاصي فلان الامهال فى الدنيا سبب لازدياد المعاصي والإثم كما قال تعالى انما نملى لهم ليزدادوا اثما وهو سبب لازياد العذاب (قال الشيخ سعدى)

نكو كفت لقمان كه نازيستن ... به از سالها بر خطا زيستن

هم از بامدادان در كلبه بست ... به از سود وسرمايه دادن ز دست

فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ فذلكة للسورة الكريمة ونتيجة لها وللسان آلة لتكلم فى الأصل واستعير هنا لمعنى اللغة كما فى قوله عليه السلام لسان أهل الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>