للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفس الساعة بغتة فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها تعليل لمفاجأتها لا لاتيانها مطلقا على معنى انه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر امر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذا جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأسا ولم يعدوها من مبادى إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والاشراط جمع شرط بالتحريك وهو العلامة والمراد بها مبعثه عليه السلام وأمته آخر الأمم فمبعثه يدل على قرب انتهاء الزمان فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ حكم بخطاهم وفساد رأيهم فى تأخير التذكر الى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له لذكرى اى وكيف لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة على ان انى خبر مقدم وذكراهم مبتدأ وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزا الى غاية سرعة مجيئها واطلاق المجيء عن قيد البغتة لما ان مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقا لا مقيدا بقوله البغتة وروى عن مكحول عن حذيفة قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن لها اشراط تقارب الأسواق يعنى كسادها ومطر لا نبات يعنى مطر فى غير حينه وتفشو الفتنة وتظهر أولاد البغية ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفسقة فى المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق وفى الحديث إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة فقيل كيف اضاعتها فقال إذا وسد الأمر الى غير اهله فانتظر الساعة

بقومي كه نيكى پسندد خداى ... دهد خسرو عادل نيك راى

چوخواهد كه ويران كند عالمى ... كند ملك در پنجه ظالمى

وقال الكلبي اشراط الساعة كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام وفى الحديث ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا او فقرا منسيا او مرضا مفسدا او هرما مفدا او موتا مجهزا والدجال شر غائب ينتظر والساعة أدهى وامر انتهى وقيامة كل أحد موته فعليه ان يستعد لما بعد الموت قبل الموت بل يقوم بالقيامة الكبرى التي هى قيامة العشق والمحبة التي يهلك عندها جميع ما سوى الله ويزول تعيين الوجود المجاري ويظهر سر الوجود الحقيقي نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المسارعين الى مرضاته والأعضاء والقوى تساعه لا من المسومين فى امره والأوقات تمرو تباعد فَاعْلَمْ أَنَّهُ اى الشان الأعظم لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ اى انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الا عظم اى إذا علمت ان مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو لا شراك والعصيان فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم اى ثبتنا على الصراط لمستقيم وقدم العلم على العمل منبها على فضله واستبداده بالمرية عليه لا سيما العلم بوحدانية لله تعالى فانه أول ما يجب على كل أحد والعلم ارفع من المعرفة ولذا قال فاعلم دون فاعرف لان الإنسان قد يعرف الشيء ولا يحيط به علما فاذا علمه وأحاط به علما فقد عرفه والعلم بالالوهية من قبيل العلم بالصفات لان الالوهية صفة من الصفات فلا يلزم ان يحيط بكنهه تعالى أحد فانه محال إذ لا يعرف الله الا الله قال بعض الكبار لما كان ما تنتهى اليه معرفة كل عارف مرتبة الالوهية ومرتبة إحداها المعبر عنها بتعين الاول لا كنه ذاته وغيب هويته ولا احاطة صفاته امر فى كتابه العزيز نبيه لذ هو أكمل

<<  <  ج: ص:  >  >>