للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروى انه لما ابى سهيل ومن معه أن يكتب في عنوان كتاب الصلح البسملة وهذا ما صالح عليه رسول اهل مكة بل قالوا اكتب باسمك اللهم وهذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله اهل مكة قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه اكتب ما يريدون فهم المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا بهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وحلموا مع ان اصل الصلح لم يكن عندهم بمحل من القبول في أول الأمر على ما سبق في أول السورة مفصلا وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى اى كلمة الشهادة حتى قالوها وهذا الزام الكرم واللطف لا الزام الإكراه والعنف وأضيفت الى التقوى لانها سببها إذ بها يتوقى من الشرك ومن النار فان اصل التقوى الاتقاء عنها وقد وصف الله هذه الامة بالمتقين في مواضع من القرآن العظيم باعتبار هذه الكلمة وبسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله من شعار هذه الامة وخواصها اختارها لهم وصار المشركون محرومين منها حيث لم يرضوا بان يكتب في كتاب الصلح ذلك وعن الحسن كلمة التقوى هى الوفاء بالعهد فان المؤمنين وفوا حيث نقضوا العهد وعاونوا من حارب حليف المؤمنين

والمعنى على هذا وألزمهم كلمة اهل التقوى وهى العهد الواقع في ضمن الصلح ومعنى إلزامها إياهم تثبيتهم عليها وعلى الوفاء بها قال اهل العربية الكلمة قد تستعمل في اللفظة الواحدة ويراد بها الكلام الكثير الذي ارتبط بعضه ببعض فصار ككلمة واحدة كتسميتهم القصيدة بأسرها كلمة ومنه يقال كلمة الشهادة قال الرضى وقد تطلق الكلمة مجازا على القصيدة والجملة يقال كلمة شاعر وقال تعالى وتمت كلمة ربك والكلمة عند اهل العربية مشتقة من الكلم بمعنى الجرح وذلك لتأثيرها في النفوس وعند المحققين عبارة عن الأرواح والذوات المجردة عن المواد والزمان والمكان لكون وجودها بكلمة كن في عالم الأمر إطلاقا لاسم السبب على المسبب والدليل على ذلك قوله تعالى انما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم والمراد بكلمة التقوى هاهنا حقيقة التقوى وماهيتها فان الحقيقة من حيث هى مجردة عن اللوا حق المادية والتشخصات فالله تعالى الزم المؤمنين حقيقة التقوى لينالوا بها قوة اليقين والتجرد التام وصفاء الفطرة الاصلية وَكانُوا أَحَقَّ بِها متصفين بمزيد استحقاق لها في سابق حكمه وقدم علمه على ان صيغة التفضيل للزيادة مطلقا وقيل أحق بها من الكفار وَأَهْلَها عطف تفسير اى المستأهل لها عند الله والمختص بها من اهل الرجل وهو الذي يختص به وينسب اليه قيل ان الذين كانوا قبلنا لا يمكن لاحد منهم ان يقول لا اله الا الله في اليوم والليلة إلا مرة واحدة لا يستطيع ان يقولها اكثر من ذلك وكان قائلها يمد بها صوته حتى ينقطع النفس التماس بركتها وفضلها وجعل الله لهذه الامة أن يقولوها متى شاؤا وهو قوله وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها من الأمم السالفة وقال مجاهد ثلاث لا يحجبن عن الرب لا اله الا الله من قلب مؤمن ودعوة الوالدين ودعوة المظلوم كما في كشف الاسرار (وفي المثنوى)

بحر وحدانست جفت وزوج نيست ... كوهر وماهيس غير موج نيست

اى محال واى محال اشراك او ... دور از ان دريا وموج پاك او

وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً بليغ العلم بكل شيء من شأنه أن يتعلق به العلم فيعلم حق كل شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>