للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنت منكم يعنى الفجور والزنى ومنه الأسير من المسلمين في دار الحرب إذا خشى العنت على نفسه والفجور لا بأس بأن يتزوج امرأة منهم والتركيب يدل على مشقة وصيغة المضارع فى لو يطيكم للدلالة على ان امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه السلام لان عنتهم انما يلزم من استمرار الطاعة فيما بعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال امر الايالة وانقلاب الرئيس مرؤسا لا من اطاعته في بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة قال في علم البلاغة لو للشرط في الماضي اى لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتها إذا الثبوت ينافى التعليق والاستقبال ينافى الماضي فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية لما ضوية الا لنكتة فدخولها على المضارع نحو لو يطيعكم إلخ لقصد استمرار الفعل فيما مضى وقتا فوقتا والفعل هو الاطاعة يعنى ان امتناع عنتكم بسبب امتناع استمراره على إطاعتكم فان المضارع يفيد الاستمرار ودخول لو عليه امتناع الاستمرار وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ إلخ تجريد للخطاب وتوجيه له الى بعضهم بطريق الاستدراك بيانا لبرآءتهم من أوصاف الأولين واحمادا لافعالهم وهم الكاملون الذين لا يعتمدون على كل ما سمعوه من الاخبار والتحبيب دوست كردانيدن اى ولكنه تعالى جعل الايمان محبوبا لديكم وَزَيَّنَهُ وحسنه فِي قُلُوبِكُمْ حتى رسخ حبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والافعال وفي عين المعاني في قلوبكم دون السنتكم مجردة ردا على الكرامية وقيل دون جوارحكم ردا على الشفعوية وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ولذلك اجتنبتم مالا يليق بها مما لاخير فيه من آثارها وأحكامها والتكريه هنا بمعنى التبغيض والبغض ضد الحب فالبغض نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه والحب انجذاب النفس الى شيء الذي ترغب فيه ولما كان فى التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وايصالهما إليهم استعملا بكلمة الى قال في فتح الرحمن معنى تحبيب الله وتكريهه اللطف والامداد بالتوفيق والكفر تغطية نعم الله بالجحود والفسوق الخروج عن القصد اى العدل بظلم نفسه والعصيان الامتناع من الانقياد وهو شامل لجميع الذنوب والفسوق مختص بالكبائر أُولئِكَ المستثنون بقوله ولكن الله إلخ هُمُ الرَّاشِدُونَ اى السالكون الى الطريق السوي الموصل الى الحق وفي الآية عدول وتلوين حيث ذكر أولها على وجه المخاطبة وآخرها على المغايبة حيث قيل أولئك هم الراشدون ليعلم ان جميع من كان حاله هكذا فقد دخل في هذا المدح كما قال ابو الليث فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً اى وانعاما تعليل لحبب وكره وما بينهما اعتراض لا للراشدين فان الفضل فعل الله والرشد وان كان مسببا عن فعله وهو التحبيب والتكريه مسند الى ضميرهم يعنى ان المراد بالفاعل من قام به الفعل وأسند هو اليه لا من أوجده ومن المعلوم ان الرشد قائم بالقوم والفضل والانعام قائمان به تعالى فلا اتحاد وَاللَّهُ عَلِيمٌ مبالغ في العلم فيعلم احوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل والتمايز حَكِيمٌ يفعل كل ما يفعل بموجب الحكمة (وقال الكاشفى) والله عليم وخداى تعالى داناست بصدق وكذب حكيم محكم كارست در امور بندگان واز حكمتهاى

<<  <  ج: ص:  >  >>