للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابطالها من قبيل السعى في تحصيل الحاصل واتى بمثال لا يجد اللعين فيه مجالا للتمويه والتلبيس فهو عدول عن مثال الى مثال آخر لايضاح كلامه وليس انتقالا من دليل الى دليل آخر لان ذلك غير محمود في باب المناظرة فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ اى صار مبهوتا ومتحيرا مدهوشا وإيراد الكفر في حيز الصلة للاشعار بعلة الحكم والتنصيص على كون المحاجة كفرا قال فى اسئلة الحكم الحكمة في طلوع شمس قرب القيامة من مغربها ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام قال لنمرود فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وان السحرة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك وانه غير كائن فيطلعها الحق يوما من المغرب ليرى المنكرين قدرته وان الشمس في ملكه ان شاء اطلعها من المشرق او المغرب وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ اى الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب المخلد بسبب اعراضهم عن قبول الهداية الى مناهج الاستدلال اى عن قبول الدلائل القطعية الدالة على الحق دلالة واضحة بالغة فى الوضوح والقوة الى حيث جعل الخصم مبهوتا متحيرا فمن ظلم نفسه بالامتناع عن قبول مثل هذه الدلائل لا يجعله الله مهتديا بها لان المعتبر في دار التكليف ان يهتدى وقت اختيارهم الكفر والظلم اى لا يخلق فيهم فعل الهداية وهم يختارون فعل الضلال ويحتمل انه لا يهدى طريق الجنة في الآخرة من كفر بالله في الدنيا- روى- ان النمرود لما عتا عتوا كبيرا والقى ابراهيم فى النار بعد هذه المحاجة سلط الله على قومه البعوض فاكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم يبق الا العظام والنمرود كما هو لم يصبه شىء فبعث الله بعوضة فدخلت في منخره فمكث اربعمائة سنة تضرب رأسه بالمطارق فعذبه الله اربعمائة سنة كما ملك اربعمائة سنة وهو الذي بنى صرحا الى السماء ببابل فاتى الله بنياهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم: قال الشيخ العطار قدس سره

سوى او خصمى كه تير انداخته ... پشه كارش كفايت ساخته

والاشارة ان الله تعالى اعطى النمرود ملكا ما اعطى لاحد قبله ادعى الربوبية ما ادعى بها أحد قبله وذلك ان الله اعطى الإنسان حسن استعداد لطلب الكمال فمن حسن استعداده في الطلب وغاية لطافته في الجوهر دائم الحركة في طلب الكمال فحيثما توجه الكمال أخذ في السير فيها الى أقصى مراتبها في العلوي والسفلى فان وكل الى نفسه في طلب الكمال فينظر بنظر الحواس الخمس الى المحسوسات وهي الدنيا فلا يتصور الا الدنيا فلا يتصور الكمال الا فيها فيأخذ فى السير لطلب الكمال وهذا السير موافق لسيره الطبيعي لانه خلق من تراب والتراب سفلى الطبع فيميل الى السفليات طبعا والدنيا هي السفل فيسير فيها بقدمي الطبع وطلب الكمال ففى البداية يرى الكمال في جمع المال فيجمعه ثم يرى الكمال في الجاه فيصرف المال في طلب الجاه ثم يرى الكمال في المناصب والحكم ثم يرى في الامارة والسلطنة فيسير فيها ما لم يكن مانع الى ان يملك الدنيا بأسرها كما كان حال النمرود ثم لا يسكن جوهر الإنسان في طلب الكمال بل كلما ازداد استغناؤه ازداد حرصه وكلما ازداد حرصه ازداد طلبه الى ان لا يبقى شىء من السفليات دون ان يملكه ثم يقصد العلويات والى الآن كان ينازع ملوك الأرض والآن ينازع ملك الملوك ومالك الملك في السموات والأرض فيدعى الربوبية كالنمرود فانه كان سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>