للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترابنا من بقية التراب قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ رد لاستبعادهم وازاحة له اى نحن على ذلك في غاية القدرة فان من عم علمه ولطفه حتى انتهى الى حيث علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم كيف يستبعد رجعه إياهم احياء كما كانوا عبر بمن لان الأرض لا تأكل عجب الذنب فانه كالبذر لاجسام بنى آدم وفي الحديث كل ابن آدم يبلى الأعجب الذنب فمنه خلق وفيه يركب والعجب بفتح العين وسكون الجيم اصل الذنب ومؤخر كل شيء وهو هاهنا عظم لا جوف له قدر ذرة أو خردلة يبقى من البدن ولا يبلى فاذا أراد الله الاعادة ركب على ذلك العظم سائر البدن واحياء اى غير أبدان الأنبياء والصديقين والشهداء فانها لا تبلى ولا تتفسخ الى يوم القيامة على ما نص به الاخبار الصحيحة قال ابن عطية وحفظ ما تنقص الأرض انما هو ليعود بعينه يوم القيامة وهذا هو الحق وذهب بعض الأصوليين الى ان الأجساد المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه قال ابن عطية وهذا عندى خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الجلود والأيدي والأرجل على الكفرة الى غير ذلك مما يقتضى ان أجساد الدنيا هى التي تعود وسئل شيخ الإسلام ابن حجر هل الأجساد إذا بليت وفنيت وأراد الله تعالى إعادتها كما كانت اولا هل تعود الأجسام الاول أم يخلق الله للناس أجسادا غير الأجساد الاول فأجاب ان الأجساد التي يعيدها الله هى الأجساد الاول لا غيرها قال وهذا هو الصحيح بل الصواب ومن قال غيره عندى فقد اخطأ فيه لمخالفته ظاهر القرآن والحديث قال اهل الكلام ان الله تعالى يجمع الاجزاء الاصلية التي صار الإنسان معها حال التولد وهى العناصر الاربعة ويعيد روحه اليه سوآء سمى ذلك الجمع إعادة المعدوم بعينه أو لم يسم فان قيل البدن الثاني ليس هو الاول لما ورد في الحديث من ان اهل الجنة جرد مرد وان الجهنمى ضرسه مثل أحد فيلزم التناسخ وهو تعلق روح الإنسان ببدن انسان آخر وهو باطل قلنا انما يلزم التناسخ ان لو لم يكن البدن الثاني مخلوقا من الاجزاء الاصلية للبدن الاول يقول الفقير البدن معاد على الاجزاء لا صلية وعلى بعض الفضلة ايضا وهو العجب المذكور فكانه البدن الاول فلا يلزم التناسخ جدا والتغاير في الوصف لا يوجب التغاير في الذات فقد ثبت ان الخضر عليه السلام يصير شابا على كل مائة سنة وعشرين سنة مع ان البدن هو البدن الاول وكذا قال ابن عباس رضى الله عنهما ان إبليس إذا مرت عليه الدهور وحصل له الهرم عاد ابن ثلاثين سنة واختلف القائلون بحشر الأجسام فمنهم من ذهب الى ان الاعادة تكون في الناس مثل ما بداهم بنكاح وتناسل وابتداء بخلق من طين ونفخ كما جرى من خلق آدم وحواء وخلق البنين من نسل ونكاح الى آخر مولود في العالم البشرى كل ذلك في مدة قصيرة على حسب ما يقدره الحق تعالى واليه ذهب الشيخ ابو القاسم بن قسى في كتاب خلع النعلين له في قوله تعالى كما بدأكم تعودون ومنهم من قال وهو القول الأصح بالخبر المروي ان السماء تمطر مطرا شبه المنى فينشأ منه النشأة الآخرة كما ان النشأة الدنيا من نقطة تنزل من بحر الحياة الى أصلاب الآباء ومنها الى أرحام الأمهات فيتكون من قطر بحر الحياة تلك النقطة جسد في الرحم

<<  <  ج: ص:  >  >>