للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامور الآخرة كلها او جلها على خلاف ما تعورف في الدنيا وقد دلت الأحاديث على تحقق الحقيقة فلا وجه للعدول الى المجاز كما روى من زفرتها وهجومها على الناس يوم الحشر وجرها الملائكة بالسلاسل وقولها جزيا مؤمن فان نورك اطفأ لهبى ونحو ذلك مما يدل على حياتها الحقيقية وإدراكها فان مطلق الجمادات لها تلك الحياة في الحقيقة فكيف بالدارين المشتملين على الشؤون العجيبة والافعال الغريبة وان الدار الآخرة لهى الحيوان وقال بعضهم سؤال وجواب جيء بهما على منهاج التمثيل والتخييل لتهويل أمرها يعنى ان المقصود تصوير المعنى فى القلب وتبيينه فهى بحيث لو قيل لها ذلك وهى ناطقة لقالت ذلك وايضا دلت بحالها على النطق كقولهم

امتلأ الحوض وقال قطنى ... مهلا رويدا قد ملأت بطني

يعنى انها مع اتساعها وتباعد أطرافها وأقطارها بطرح فيها الجنة والناس فوجا بعد فوج حتى تمتلئ بهم وتصير بحيث لا يسعها شيء ولا يزاد فيها فالاستفهام على معنى التقرير ونفى المزيد اى وهل عندى موضع يزاد فيه شيء اى قد امتلأت وحصل في موعودك وصرت بحيث لا أسع ابرة وبالفارسية لا مزيد پر شدم وزيادتى را كنجايش نيست فالمعنى الممثل هو الامتلاء وهو كقوله تعالى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين فانه سؤال تقرير لا سؤال استفهام وكقوله عليه السلام يوم فتح مكة هل بقي لنا عقيل دارا اى ما بقي لنا دارا ويجوز أن يكون المعنى انها لغيظها على الكفار والعصاة كأنها تطلب زيادتهم وتستكثرهم ويجوز أن يكون السؤال استدعاء للزيادة في الحقيقة لان ما يلقى فيها كحلقة تلقى في اليم يعنى زيادتى كن وحق تعالى ديكر كافر بوى فرستاد تا پر شود ويجوز أن يكون المعنى انها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد محل فارغ وموضع زيادة فان قلت هذا يخالف قوله تعالى لأملأن جهنم قلت ورد في الحديث لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى نضع الجبار فيها قدمه فيزوى بعضها الى بعض يعنى فيحصل الامتلاء وبه تندفع المخالفة

اين قدم حق را بود كورا كشد ... غير حق را كه كمان او كشد

وفي رواية حتى يضع فيها رب العزة او رب العرش قدمه فتقول قط قط اى حسبى حسبى وعزتك قوله ويزوى بالزاي المعجمة على بناء المجهول اى يضم ويجمع من غاية الامتلاء وآخر الحديث ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشيء الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة كما فى كشف الاسرار وفي رواية ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه السلام تحاجت الجنة والنار فقالت النار او ثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فمالى لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله تعالى للجنة

انما أنت رحمتى أرحم بك من أشاء من عبادى وقال للنار انما أنت عذابى أعذب بك من أشاء من عبادى ولكل واحدة منكما ملؤها فاما النار فانهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلئ حتى يضع الله فبها رجله فتقول قط قط فهنا لك تمتلئ ويزوى بعضها الى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا واما الجنة فينشيء الله لها خلقا وفي القاموس

<<  <  ج: ص:  >  >>