للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عظم قدرة الله تعالى فعقله مخبوء عند الحق منعم بشهوده عاكف بحضرته متنزه في جماله فهم اصحاب عقول بلا عقول وهم في ذلك على ثلاث مراتب منهم من يكون واراده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون تحت تصرف الحال ولا تدبير له في نفسه مادام في ذلك الحال ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية ويسمى هذا من عقلاء المجانين لتناوله العيش الطبيعي كسائر الحيوانات ومنهم من لا يدوم له حكم الوارد فيزول عنه الحال فيرجع الى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل الإنسان وذلك هو صاحب القدم المحمدي فانه صلّى الله عليه وسلّم كان يؤخذ عن نفسه عند نزول الوحى ثم يسرى عنه فيلقى ما أوحى به اليه على الحاضرين واعلم ان المجاذيب لا يطالبون بالآداب الشرعية لذهاب عقولهم لما طرأ عليها من عظيم امر الله تعالى

هر كه كرد ار جام حق يكجرعه نوش ... نه ادب ماند درونه عقل وهوش

وحكمهم عند الله حكم من مات على حالة شهود ونعت استقامة وحالهم في الدنيا حكم الحيوان ينال جميع ما يطلب حكم طبيعته من أكل وشرب ونكاح من عير تقييد ولا مطالبة عليه عند الله مع وجود الكشف وبقائه عليهم كما تكشف البهائم وكل دابة حياة الميت على النعش وهو يحور ويقول قدمونى ان كان سعيدا ويقول اين تذهبون بي ان كان شقيا فذاهب العقل معدود في الأموات لذهاب عقله معدود في الاحياء بطبعه فهو من السعداء الذين رضى الله عنهم واكثر المجانين من غلبة المكاشفات والمشاهدات يعنى انهم يكاشفون الأمور الغيبية والأحوال الملكوتية ويشاهدون ما خفى عن أعين العامة وذلك من غير سبق المجاهدة منهم فبذلك يخرجون عن دائرة العقل إذ لا يتحملون الفتح الفجائى لعدم تهيئهم قبله ثم يتعسر ادخالهم في دائرة العقل الا ان أراد الله تعالى ذلك فالمقبول البقاء على العقل وأن يكون المرء غالبا على حاله لا أن يكون الحال غالبا والاول من احوال اهل النهاية والثاني من احوال اهل البدية والله الغالب على امره وَفِي عادٍ اى وفي قوم هود آيات ان كان معطوفا على وفي الأرض او وجعلنا فيهم آية على تقدير كونه معطوفا على قوله وتركنا فيها آية إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ اى على أنفسهم أصالة وعلى دورهم وأموالهم وأنعامهم تبعا الرِّيحَ الْعَقِيمَ العقم بالضم هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد كما في القاموس وصفت بالعقم لانها أهلكتهم وقطعت دابرهم فالعقيم بمعنى المعقم او العاقم وفيه استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم باعقام النساء التي لا يلدن ولا يعقبن ثم اطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم او وصفت به لانها لم تتضمن خيرا ما من إنشاء مطر او القاح شجره يعنى شبه عدم تضمنها منفعة بعقم المرأة ثم اطلق عليه فالعقيم بمعنى الفاعل من اللازم وفي بحر العلوم ولعله سماها عقيما لانها كانت سبب قطع الأرحام من أولاده بإهلاكها إياهم وقطعها دابرهم وهى من رياح العذاب والهلاك وهى النكباء على قول على رضى الله عنه وهى التي انحرفت ووقعت بين ريحين او بين الصبا والشمال وهى الدبور على قول ابن عباس رضى الله عنهما ويؤيده

<<  <  ج: ص:  >  >>