للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوديم در دنيا مُشْفِقِينَ ارقاء القلوب خائفين من عصيان الله تعالى معتنين بطاعته او وجلين من العاقبة قيد بقوله في أهلنا فان كونهم بين أهليهم مظنة الا من فاذا خافوا في تلك الحال فلأن يخافوا في سائر الأحوال والأوقات اولى وقال سعدى المفتى ولعل الاولى أن يجعل اشارة الى معنى الشفقة على خلق الله كما ان قوله انا كنا من قبل ندعوه اشارة الى التعظيم لا امر الله وترك العاطف لجعل الثاني بيانا للاول ادعاء للمبالغة في وجوب عدم انفكاك كل منهما عن الآخر انتهى يقول الفقير الظاهر ان هذا الكلام وارد على عرف الناس فانهم يقولون شأبنا بين قومنا وقبيلتنا كذا فهم كانوا في الدنيا بين قبائلهم وعشائرهم على صفة الإشفاق وفيه تعريض بأن بعض أهلهم لم يكونوا على صفتهم ولذا صاروا محرومين ويدل على هذا ان الأهل يفسر بالأزواج والأولاد وبالعبيد والإماء وبالأقارب وبالاصحاب وبالمجموع كما في شرح المشارق لابن الملك فَمَنَّ اللَّهُ اى أنعم عَلَيْنا بالرحمة والتوفيق للحق يقول الفقير الظاهر ان المن والانعام انما هو بالجنة ونعيمها كما دل عليه قوله وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ

اى حفظنا من عذاب النار النافذة في المسام اى ثقب الجسد كالمنخر والفم والاذن نفوذ السموم وهى الريح الحارة التي تدخل المسام فأطلق على جهنم لنفوذ حرها في المسام كالسموم وفي المفردات السموم الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم وقال البقلى هذا شكر من القوم في رؤية الحق سبحانه اى كنا مشفقين من الفراق فى الدنيا والبعد في يوم التلاق فمن الله علينا ووقانا من ذلك العذاب المحرق المفنى هذا في أوائل الرؤية اما إذا استقاموا في الوصال نسوا ما كان فيهم من ذكر الإشفاق وغيره والإشفاق وصف الأرواح والخوف صفة القلوب وقال الجنيد قدس سره الإشفاق ارق من الخوف والخوف أصلب وقال بعضهم الإشفاق للاولياء والحوف لعامة المؤمنين وقال الواسطي قدس سره لاحظوا دعاءهم وشفقتهم ولم يعلموا ان الوسائل قطعت المتوسلين عن حقيقة وحجبت من ادراك من لا وسيلة الا به إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ اى من قبل لقاء الله والمصير اليه يعنون في الدنيا نَدْعُوهُ اى نعبده او نسأله الوقاية إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ اى المحسن الرَّحِيمُ الكثير الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب قال الراغب البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع في فعلى الخير وينسب ذلك تارة الى الله تعالى نحو انه هو البر الرحيم والى العبد تارة فيقال بر العبد ربه اى توسع فى طاعته فمن الله الثواب ومن العبد الطاعة وذلك ضربان ضرب في الاعتقاد وضرب في الأعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين التوسع في الإحسان إليهما وضده العقوق قال في شرح الأسماء من عرف انه هو البر الرحيم رجع اليه بالرغبة في كل حقير وعظيم فكفاه ما أهمه ببره ورحمته وقد قال في حكم ابن عطاء متى أعطاك أشهدك بره وإحسانه وفضله ومتى منعك أشهدك قهره وجلاله وعظمته فهو في كل ذلك متعرف إليك تارة بجماله واخرى بجلاله ومقبل بوجود لطفه عليك إذ وجه لك ما يوجب توجهك اليه ولكن انما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه إذ لو فهمت عنه كنت تشكره على ما واجهك منه فقد قال ابو عثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>