للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوجه ما وفي كشف الاسرار فان قيل كيف يجوز أن يغير الملك صورة نفسه وهل يقدر غير الله على تغيير صورة المخلوقين وقد قلتم ان جبرائيل أتى رسول الله مرة في صورة رجل ومرة في صورته التي ابتدأه الله عليها وان إبليس أتى قريشا في صورة شيخ من اهل نجد فالجواب عنه تغيير الصور الذي هو تغيير التركيب والتأليف لا يقدر عليه الا الله واما صفة جبرائيل ففعل الله تعالى تنبيها للمصطفى عليه السلام وليعلم انه امر من الله إذ رآه في صور مختلفة فان ذلك لا يقدر عليه الا الله وهو ان يراه مرة قد سد الأفق واخرى يجمعه مكان ضيق واما إبليس فكان ذلك منه تخييلا للناظرين وتمويها دون التحقيق كفعل السحرة بالعصى والحبال قال الله تعالى فاذا حبالهم وعصيهم يخيل اليه من سحرهم انها تسعى انتهى

ما في الكشف وقال في آكام المرجان قال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور اى صور الانس والبهائم والطير وانما يجوز ان يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الافعال إذا فعله وتكلم به نقله الله من صورة الى صورة فيقال انه قادر على التصور والتخييل على معنى انه قادر على قول إذا قاله او على فعل إذا فعله نقله الله من صورته الى صورة اخرى بجرى العادة واما يصور نفسه فذلك محال لان انتقالها من صورة الى صورة انما يكون بنقض البنية وتفريق الاجزاء وإذا انتقضت بطل الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة فكيف ينقل نفسه قال والقول في تشكيل الملائكة من ذلك انتهى وقال والهى الاسكوبى فيه ان من قال تمثل جبريل وتصور إبليس ليس مراده انهما أحدثا تلك الصورة والمثال عن قدرة أنفسهما بل باقدار الله على التمثيل والتصوير كيف يشاء فلا منافاة بين القولين غاية ما في الباب ان العامل عن طريق أقدار الله به من الأسباب المخصوصة انتهى وقال في انسان العيون فان قيل إذا جاء جبريل على صورة الآدمي دحية او غيره بل هى الروح تتشكل بذلك الشكل وعليه على يصير جسده الأصلي حيا من غير روح أو ميتا أجيب بأن الجائى يجوز أن لا يكون هو الروح بل الجسد لانه يجوز ان الله تعالى جعل في الملائكة قدرة على التطور والتشكل بأى شكل أرادوه كالجن فيكون الجسد واحدا ومن ثمة قال الحافظ ابن حجر ان تمثل الملك رجلا ليس معناه ان ذاته انقلبت رجلا بل معناه انه ظهر بتلك الصورة تأنيسا لمن يخاطبه والظاهر ان القدر الزائد لا يزول ولا يفنى بل يخفى على الرائي فقط وأخذ من ذلك بعض غلاة الشيعة انه لا مانع ولا بعد ان الحق تعالى يظهر في صورة على وأولاده الاثني عشر رضى الله عنهم ويجوز ان يكون الجسد للملك متعددا وعليه فمن الممكن ان يجعل الله لروح الملك قوة يقتدر بها على التصرف في جسد آخر غير جسدها المعهود مع تصرفها في ذلك الجسد المعهود كما هو شأن الابدال لأنهم يرحلون الى مكان ويقيمون فى مكانهم شبحا آخر شبيها لشبحهم الأصلي بدلا منه وقد ذكر ابن السبكى في الطبقات ان كرامات الأولياء انواع وعد منها ان يكون له أجساد متعددة قال وهذا هو الذي يسميه الصوفية بعالم المثال ومنه قصة قضيب البان وغيره اى كواقعة الشيخ عبد القادر الطبحطوطى فقد ذكر الجلال السيوطي انه رفع اليه سؤال في رجل حلف بالطلاق ان ولى الله الشيخ عبد القادر

<<  <  ج: ص:  >  >>