للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد به الرسل فهم لا يؤمنون بها على وجهها واعلم ان الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث وفي الحديث جبرائيل أتاني في أول ما أوحى الى فعلمنى الوضوء والصلاة قلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه اى رش بها فرجه اى محل الفرج من الإنسان بناء على انه لا فرج له وكون الملك لا فرج له لو تصور بصورة الإنسان دليل على انه ليس ذكرا ولا أنثى وفيه نظر لانه يجوز ان يكون له آلة ليست كآلة الذكر وكآلة الأنثى كما قيل بذلك في الخنثى ويقال لذلك فرج وبعضهم حمل الفرج على ما يقابل الفرج من الإزار وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ حال من فاعل يسمون اى يسمونهم والحال انه لا علم لهم بما يقولون أصلا إِنْ يَتَّبِعُونَ اى ما يتبعون في ذلك ليس بتكرار لان الاول متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة والثاني بعبادتهم الملائكة إِلَّا الظَّنَّ الفاسد وَإِنَّ الظَّنَّ اى جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً من الإغناء فان الحق الذي هو عبارة عن حقيقة الشيء لا يدرك إدراكا معتبرا الا بالعلم والظن لا اعتداد به في شأن المعارف الحقية وانما يعتدبه في العمليات وما يؤدى إليها كمسائل علم اصول الفقه وفيه ذم للظن ودلالة على عدم ايمان المقلد وقيل الحق بمعنى العلم اى لا يقوم الظن مقام العلم وقيل الحق بمعنى العذاب اى ان ظنهم لا ينقذهم من العذاب وحقيقية هذه الآية العزيزة تحريض السالكين والطالبين على السعى والاجتهاد في السير الى الله بقطع المنازل السفلية وتصحيح المقامات العلوية الى ان يصلوا الى عين الجمع ويغرقوا في بحر التوحيد ويشهدوا الحقائق والمعاني المجردة بنور الوحدة الحقيقة الذاتية الدافعة ظلمة الكثرة النسبية لاسماء الله تعالى ثم ان الافراد يتفاوتون في حضرة الشهود مع كونهم على بساط الحق الذي لا نقص فيه لانهم انما يشهدون في حقائقهم ولو شهدوا عين الذات لتساووا في الفضيلة قال بعض الكبار اصحاب الكشف الخيالى غلطهم اكثر من أصابتهم لان الخيال واسع والذي يظهر فيه يحتمل التأويلات المختلفة فلا يقع القطع بما يحصل منه الا بعلم آخر ورلء ذلك وانما كان الخيال بهذا الحكم لكونه ليست له حقيقة ونفسه بل هو امر برزخى بين حقيقتين وهما المعاني المجردة والمحسوسات فلهذا يقع الغلط في الخيال لكونه ليست له حقيقة في نفسه وانظر الى إشارته عليه السلام في الكشف الخيالى وكونه يقبل الاصابة والغلط لما أتاه جبرائيل بصورة عائشة رضى الله عنها في سرفة من حرير وقال له هذه زوجتك فقال عليه السلام ان يكن من عند الله يمضه بخلاف ما لو اتاه ذلك بطريق الوحى المعهود المحسوس له او بطريق المعاني المجردة الموجبة ليقين وللعلم فانه إذا لا يمكنه الجواب بمثل ذلك الجواب الذي يشعر بالتردد المحتمل الذي يقتضيه حضرة الخيال بحقيقتها

سيراب كن ز بحر يقين جان تشنه را ... زين بيش خشك لب منشين بر سراب ريب

فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا اى فاعرض يا محمد عن دعوة من اعرض عن ذكرنا المفيد للعلم اليقيني ولم يؤمن به وهو القرآن المنطوى على علوم الأولين والآخرين المذكر لأمور الآخرة ولا تتهالك على إسلامه او عن ذكرنا كما ينبغى فان ذلك مستتبع لذكر الآخرة وما فيها من الأمور المرغوب فيها والمهروب عنها وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا راضيا بها

<<  <  ج: ص:  >  >>