للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقرآن دال على هذا قال تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وهذا ونحوه تفضل من الله وطريق العدل وان ليس للانسان الا ما سعى الا ان الله يتفضل عليه بما لم يجب له كما ان زيادة الأضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا الى سبعمائة ضعف الى الف الف حسنة وقد تفضل الله على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل والحاصل ما كان من السعى فمن طريق العدل والمجازاة وما كان من غير السعى فمن طريق الفضل والتضعيف فكرامة الله تعالى أوسع وأعظم من ذلك فانه يضاعف الحسنات ويتجاوز عن السيئات فمرتبة النفس والطبيعة وكذا الشريعة والطريقة من الطريق الاولى ومرتبة الروح والسر وكذا المعرفة

والحقيقة من الطريقة الثانية قال في الاسئلة المقحمة اشارت الآية الى اصل النجاة المعهودة فى حكم الشريعة فان النجاة الاصلية الموعودة في الكتاب والسنة بالعمل الصالح وهى النجاة بشرط المجازاة والمكافاة فاما التي هى من غير طريق المجازاة والمكافاة فهى بطريق تفضل الله وبطوله وعميم رحمته وكريم لطفه وقد فسرها رسول الله عليه السلام حيث قال ادخرت شفاعتى لاهل الكبائر من أمتي أترونها للمؤمنين المتقين لا ولكنها للخطائين الملوثين وبيان الكتاب الى الرسول عليه السلام وسمعت الامام أبا بكر الفارسي بسمرقند يقول سمعت الأستاذ أبا اسحق الأسفراييني يقول ان عبد الله بن طاهر امير خراسان قال للحسن بن الفضل البجلي أشكلت على ثلاث آيات أريد أن تكشف عنى وتشفى العليل أولاها قوله تعالى في قصة ابن آدم فأصبح من النادمين وصح الخبر بأن الندم توبة ولم يكن هذا الندم توبة في حق قابيل وثانيتها قوله تعالى كل يوم هو في شأن وصح الخبر بأن القلم جف بما هو كائن الى يوم القيامة وثالثتها قوله تعالى أضعافا مضاعفة فأجابه وقال اما الآية الاولى فالندم لم يكن توبة في شريعة من الشرائع وانما صار توبة في شريعة محمد عليه السلام تخصيصا له على ان ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل وانما كان على حمله حين حمله على عاتقه أياما فلم يعلم ماذا يعمل به لانه كان أول قتل حتى بعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه واما الآية الثانية فان الشان المذكور فيها ما هو التقدير بطريق الابتداء وانما هو سوق المقادير الى المواقيت واما الآية الثالثة فهو انه ليس للانسان الا ما سعى من طريق العدل والمجازاة وله أن يجزيه بواحدة عشرا وأضعافا مضاعفة بطريق الفضل والطول لا على سبيل العدل والجزاء فقام عبد الله بن طاهر وقبل رأسه وسوغ خراجه وكان خمسين الف درهم وقد ذكر الخرائطي في كتاب الثبور قال سنة في الأنصار إذا حملوا الميت ان يقرأوا معه سورة البقرة يقول الفقير فيه دليل على سنية الذكر عند حمل الجنازة لان الذكر من القرآن ولذا كان على الذاكر أن ينوى التلاوة والذكر معا حتى يثاب بثواب التلاوة فحيث سن القرآن سن الذكر المأخوذ منه ولقد احسن من قال في أبيات

زر والديك وقف على قبريهما ... فكأننى بك قد حملت إليهما

الى قال في آخرها وقرأت من آي الكتاب بقدر ما ... تسطيعه وبعثت ذاك إليهما

قال الشيخ تقى الدين ابو العباس من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع الا بعمله فقد خرق الإجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>