للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوح كانُوا هُمْ أَظْلَمَ لنبيهم وَأَطْغى من الفريقين حيث كانوا يؤذونه وينفرون الناس عنه وكانوا يحذرون صبيانهم ان يسمعوا منه وكانوا يضربونه عليه السلام حتى لا يكون به حراك وما اثرت فيهم دعوته قريبا من الف سنة وما آمن معه الا قليل

با سيه دل چهـ سود كفتن وعظ ... نرود ميخ آهنين در سنك

وفيه اشارة الى إهلاك صفات القلب من قبل ان يتمكن في سفينة التوحيد فانهم كانوا مذبذبين منقلبين بين القلب وبين النفس ظالمين على القلب بمشاهدة الكثرة طاغين عليه بالميل الى النفس وصفاتها وَالْمُؤْتَفِكَةَ هى قرى قوم لوط عليه السلام يعنى شهرستان قوم لوط عليه السلام ائتفكت بأهلها اى انقلبت بهم وهو منصوب عطفا على عادا اى وأهلك المؤتفكة وقيل هو منصوب بقوله أَهْوى اى أسقطها الى الأرض مقلوبة بعد ان رفعها على جناح جبريل الى السماء فالاهواء بمعنى انداختن وقال الزجاج القاها فى الهاوية فَغَشَّاها ما غَشَّى من فنون العذاب (وقال الكاشفى) پس بپوشانيد آن شهرها را آنچهـ بپوشانيد يعنى سنكهاى نشان داده بر ان بارانيد وفيه من التهويل والتفظيع ما لا غاية وراءه قوله ما غشى مفعول ثان ان قلنا ان التضعيف للتعدية اى البس الله المؤتفكة ما البسها إياه من العذاب كالحجارة المنضودة المسومة فمفعولا الفعل الاول مذكوران والثاني محذوفان وان قلنا انه للمبالغة والتكثير فهو فاعل كقوله فغشيهم من اليم ما غشيهم وفي الآية اشارة الى قرية القالب وانقلابها من أعلى الكمال الى أسفل النقصان ومن اعتدال المزاج الى انحرافه وذلك سبب ظلم النفس الامارة عليها باستيفاء الحظوظ والشهوات كما قال تعالى وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها الآية فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى الآلاء النعم واحدها الى والى والى كما في القاموس والتمارى والامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية اى شك وتردد قال في تاج المصادر التمارى بشك شدن وبا يكديكر بستيهبدن واسناد فعل التمارى الى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه والخطاب للرسول عليه السلام فهو من باب الالهاب والتعريض بالغير على طريقة قوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك او لكل واحد وجعل الأمور المعدودة آلاء مع ان بعضها نقم لما انها ايضا نعم من حيث انها نصرة للانبياء والمؤمنين وانتقام لهم وفيها عظات وعبر للمعتبرين قال في بحر العلوم وهلاك أعداء الله والنجاة من صحبتهم وشرهم والعصمة من مكرهم من أعظم آلائه الواصلة الى المؤمنين قال المتنبي

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواله ما من صداقته بد

وقد امر نوحا بالحمد على ذلك في قوله فقل الحمد الله الذي نجانا من القوم الظالمين وقد حمد هو بنفسه على ذلك في موضع آخر تعليما لعباده حيث قال فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين وقد سجد عليه السلام سجدة الشكر حين رأى رأس ابى جهل قد قطعت في غزوة بدر وفي التأويلات النجمية يشير الى استحقاق الشكر الجزيل على آلائه التي عددها وسماها آلاء لاشتمالها على نعم المواعظ ونعم الزواجر واستبعاد الشك والمماراة فيها والخطاب لافراد الامة

<<  <  ج: ص:  >  >>