للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسوف يبتلى بهذه الآفات ومن سد هذا الباب فان الله يكرمه بانواع الكرامات ورفعة الدرجات والله واسع عليم يؤتى من اجتنب عن وساوسه الحكمة وهي من مواهيه ترد على قلوب الأنبياء والأولياء عند تجلى صفات الجلال والجمال وفناء أوصاف الخلقية بشواهد صفات الخالقية فيكاشف الاسرار بحقائق معان أورثتها تلك الأنوار سرا بسر وإضمارا بإضمار. فحقيقة الحكمة نور من أنوار صفات الحق يؤيد الله به عقل من يشاء من عباده فهذه ليست مما تدرك بالعقول والبراهين العقلية والنقلية واما المعقولات فهى مشتركة بين اهل الدين واهل الكفر فالمعقول ما يحكم العقل عليه ببرهان عقلى وهذا ميسر لكل عاقل بالدراية وعالم بالقراءة فمن صفى عقله عن شوب الوهم والخيال فيدرك عقله المعقول بالبرهان دراية عقلية ومن لم يصف العقل عن هذه الآفات فهو يدرك المعقول قراءة بتفهيم أستاذ مرشد فاما الحكمة فليست من هذا القبيل وما يذكر الا أولوا الألباب وهم الذين لم يقنعوا بقشور العقول الانسانية بل سعوا في طلب لبها بمتابعة الأنبياء عليهم السلام فاخرجوهم من ظلمات قشور العقول الانسانية الى نور لب المواهب الربانية فتحقق لهم ان من لم يجعل الله له نورا فما له من نور فانتبه ايها المغرور المفتون بدار الغرور فلا يغرنك بالله الغرور قال من قال

نگر تا قضا از كجا سير كرد ... كه كورى بود تكيه بر غير كرد

فغان از بديها كه در نفس ماست ... كه ترسم شود ظن إبليس راست

قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاب الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فانه لم يغض ما في يمينه) قال (وعرشه على الماء وبيده الاخرى القبض يرفع ويخفض) فالمؤمن يتخلق بأخلاق الله ويجود على الفقراء ويدفع ما وسوس اليه الشيطان من خوف الفقر فان الله بيده مفاتيح الأرزاق وهو المعطى على الإطلاق وَما كلمة شرط وهي للعموم أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ اى أي نفقة كانت في حق او باطل في سر أو علانية قليلة او كثيرة أَوْ نَذَرْتُمْ النذر عقد الضمير على شىء والتزامه وهو في الشرع التزام برله نظير في الشرع ولهذا لو نذر سجدة مفردة لا يصح الا ان تكون للتلاوة عند ابى حنيفة وأصحابه مِنْ نَذْرٍ أي نذر كان في طاعة او معصية بشرط او بغير شرط متعلق بالمال او بالافعال كالصلاة والصيام ونحوهما فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ الضمير عائد الى ما اى فانه تعالى يجازيكم عليه البتة ان خيرا فخير وان شرا فشر فهو ترغيب وترهيب ووعد ووعيد وَما لِلظَّالِمِينَ بالإنفاق والنذر في المعاصي او بمنع الصدقات وعدم الوفاء بالنذور او بانفاق الخبيث او بالرياء والمن والأذى وغير ذلك مما ينتظمه معنى الظلم الذي هو عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه الذي يحق ان يوضع فيه مِنْ أَنْصارٍ اى أعوان ينصرونهم من بأس الله وعقابه لا شفاعة ولا مدافعة وإيراد صيغة الجمع لمقابلة الظالمين اى وما لظالم من الظالمين من نصير من الأنصار إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ اى ان تظهروا الصدقات فنعم شىء ابداؤها بعد ان لم يكن رياء وسمعة وهذا في الصدقات المفروضة واما في صدقة التطوع فالاخفاء أفضل وهي التي أريد بقوله وَإِنْ تُخْفُوها اى تعطوها خفية وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ ولعل التصريح بايتائها الفقراء

<<  <  ج: ص:  >  >>