للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكرير للتأكيد وتمهيد لقوله تعالى وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ على البناء للمفعول من رجع رجعا اى رد ردا وقرئ على البناء للفاعل من رجع رجوعا والمعنى اليه تعالى وحده لا الى غيره استقلالا واشتراكا ترد جميع الأمور فاستعدوا للقائه باختيار أرشد الأمور وأحسنها عند الله پس تكرير كلام جهت آنست كه أول تعلق بإبداء دارد وثانى بإعادة ولذا قرن بالأول يحيى ويميت وبالثاني ما يكون في الآخرة من رد الخلق اليه وجزائه إياهم بالثواب والعقاب وفيه اشارة الى انه له ملك علوم السموات الروحانية وهى العلوم الكشفية اللدنية الموهوبة بالاسم الوهاب من غير تحصيلى الأسباب لعباده المخلصين بإفاضته عليهم وله ايضا ملك العلوم الرسمية الكسبية الارضية بالسعي والاجتهاد للعلماء بافاضة توفيق الكسب والاجتهاد فامور العلوم الكشفية والكسبية ترجع الى عناية الله الازلية والابدية يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ الإيلاج الإدخال يعنى أز زمان شب در روز افزايد حتى يصير النهار أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والليل اقصر ما يكون تسع ساعات وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يعنى از زمان روز بشب زياده كند باختلاف الفصول وبحسب مطالع الشمس ومغاربها حتى يصير الليل أطول ما يكون خمس عشرة ساعة والنهار اقصر ما يكون تسع ساعات والليل والنهار ابدا اربع وعشرون ساعة قال في فتح الرحمن فيه تنبيه على العبرة فيما يجاذبه الليل والنهار من الطول والقصر وذلك متشعب مختلف حسب اختلاف الأقطار والأزمان الاربعة وذلك بحر من بخار الكفرة لمن تأمله وَهُوَ عَلِيمٌ اى مبالغ في العلم بِذاتِ الصُّدُورِ اى بمكنوناتها اللازمة لها من الاسرار والمعتقدات وذلك اغمض ما يكون وهو بيان لاحاطة علمه تعالى بما يضمرونه في نياتهم بعد بيان احاطته بأعمالهم التي يظهرونها وفي الآية اشارة الى انه يستهلك ظلمة ليل البشرية والطبيعة في نور نهار الروح بطريق تغليب نور نهار الروح وهو تعالى عالم بكل ما يصدر من أصحاب ليل النفوس من السيئات ومن ارباب نهار الأرواح من الحسنات لا يفوته منهما شيء قال ابن عباس رضى الله عنهما اسم الله الأعظم في أول سورة الحديد في ست آيات من أولها فاذا علقت على المقاتل في الصف لم ينفذ اليه حديد كما في فتح الرحمن آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ روى ان الآية نزلت فى غزوة ذى العشيرة وهى غزوة تبوك وفي عين المعاني يحتمل الزكاة والنفقة في سبيل الله والمعنى جعلكم الله خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة عبر عما بأيديهم من الأموال والأرزاق بذلك تحقيقا للحق وترغيبا لهم في الانفاق فان من علم انها لله وانه بمنزلة الوكيل والنائب بحيث يصرفها الى ما عينه الله من المصارف هان عليه الانفاق او جعلكم خلفاء من قبلكم فيما كان بايديهم بتوريثه إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينتقل منكم الى من بعدكم فلا تبخلوا به قال الشاعر

ويكفيك قول الناس فيما ملكته ... لقد كان هذا مرة لفلان

فلا بد من انفاق الأموال التي هى للغير وستعود الى الغير فكما ان الانفاق من مال الغير يهون على النفس إذا اذن فيه صاحبه فكذا من المال الذي على شرف الزوال

<<  <  ج: ص:  >  >>