للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصوفين بالايمان من الكفر لا يمكن إذ لا كفر فيهم حتى يخرجوا منه اى ليحصل لهم الرسول ما هم عليه الآن من الايمان والعمل الصالح بإخراجهم عما كانوا عليه أو ليخرج الله من علم او قدر انه سيؤمن ولم يقل ليخرجكم إظهارا لشرف الايمان والعمل الصالح وبيانا لسبب الإخراج وحثا على التحقق بهما مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ اى من الضلالة الى الهدى ومن الباطل الى الحق ومن الجهل الى العلم ومن الكفر الى الايمان ومن الشبهات الى الدلالات والبراهين ومن الغفلة الى اليقظة ومن الانس بغير الله الى الانس بالله على طبقاتهم ودرجاتهم فى السعى والاجتهاد بعناية الله تعالى وفى التأويلات النجمية ليخرج الذين آمنوا بالايمان العلمي وعملوا الصالحات بمقتضى العلم الظاهر لا بمقتضى الحال من ظلمات التقييد بالأعمال والأحوال الى نور الإطلاق برؤية فاعلية الحق فى الأشياء انتهى. يقول الفقير انما جمع الظلمات لتراكمها وتكاثفها ولكثرة أسبابها وأنواعها ولذا قال تعالى قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر اى شدائدهما فانها كالظلمات وكذا الأعمال السيئة ظلمات يوم القيامة كما ورد فى حق الظلم وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً خالصا

من الرياء والتصنع والغرض وهو استئناف لبيان شرف الايمان والعمل الصالح ونهاية امر من اتصف بهما تنشيطا وترغيبا لغير أهلهما لهما قال بعض الكبار لو كان الايمان بذاته يعطى مكارم الأخلاق لم يقل للمؤمن افعل كذا واترك كذا وقد توجد مكارم الأخلاق بدونه وللايمان وللمكارم آثار ترجع على أصحابها فى اى دار كان كما ورد فى حق أبى طالب فانه قال العباس رضى الله عنه يا رسول الله ان أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل ينفعه ذلك قال نعم ولولا انا كان فى الدرك الأسفل من النار وكما رؤى ابو لهب فى المنام وهو يمص ماء من إبهامه ليلة الاثنين لعتقه بعض جواريه حين بشرته بولادة رسول الله عليه السلام وكما قيل انه عليه السلام لما عرج به اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل فى هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا خاتم طى صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده كما فى أنيس الوحدة وجليس الخلوة فاذا كانت المكارم بهذه المرتبة بلا ايمان فكيف مع ايمان وعطف العمل الصالح من الصلاة والزكاة وغيرهما على الايمان الذي هو تصديق القلب عند المحققين والتصديق مع الإقرار عند البعض يفيد المغايرة على ما هو المذهب الأصح وهو كاف فى دخول الجنة بوعد الله وكرمه فى القول الحق المثبت بالادلة القوية فذكر العمل الصالح بعده للاهتمام والحث عليه اخبارا بأن اهله يدخلون ابتداء بلا حساب او بحساب يسير يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اى من تحت قصورها او أشجارها الْأَنْهارُ الاربعة المذكورة فى سورة محمد عليه السلام خالِدِينَ فِيها مقيمين فى تلك الجنات دائمين فيها وهو حال من مفعول يدخله والجمع باعتبار معنى من كما ان الافراد فى الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها أَبَداً ظرف زمان بمعنى دائما غير منقطع فيكون تأكيدا للخلود لئلا بتوهم ان المراد به المكث الطويل المنقطع آخرا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً حال اخرى منه وفيه معنى التعجب والتعظيم لما رزقه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>