للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدين الحق من زمن آدم الى نبينا عليهما الصلاة والسلام الإسلام كما قال تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وحقيقة دين الإسلام التوحيد وصورته الشرائع التي هى الشروط وهذا الدين من ذلك الزمان الى يوم القيامة واحد بحسب الحقيقة وسواء بين الكل ومختلف بحسب الصورة والشروط وهذا الاختلاف الصوري لا ينافى الاتحاد الأصلي والوحدة الحقيقة انتهى. وعن قتادة ان الإسلام شهادة ان لا اله الا الله والإقرار بما جاء من عند الله. وعن غالب القطان قال أتيت الكوفة فى تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فكنت اختلف اليه فلما كنت ذات ليلة أردت ان احدر الى البصرة قام من الليل متهجدا فمر بهذه الآية شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قال الأعمش وانا اشهد بما شهد الله به واستودع الله هذه الشهادة وهى لى عند الله وديعة ان الدين عند الله

الإسلام قالها مرارا قلت لقد سمع فيها شيأ فصليت معه وودعته ثم قلت آية سمعتك ترددها فما بلغك فيها قال والله لا أحدثك بها الى سنة فلبثت على بابه من ذلك اليوم فاقمت سنة فلما مضت السنة قلت يا أبا محمد قد مضت السنة قال حدثنى ابو وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله ان لعبدى هذا عندى عهدا وانا أحق من وفى بالعهد ادخلوا عبدى الجنة) ويناسب هذا ما يقال عهدنا لله. عن ابى مسعود رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه ذات يوم (أيعجز أحدكم ان يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قالوا وكيف ذلك قال (يقول كل صباح ومساء اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة انى اعهد إليك بانى اشهد ان لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وان محمدا عبدك ورسولك وانك ان تكلنى الى نفسى تقربنى من الشر وتباعدني من الخير وانى لا أثق الا برحمتك فاجعل لى عهدا توفينيه يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد فاذا قال ذلك طبع عليه بطابع) اى ختم عليه بخاتم (ووضع تحت العرش فاذا كان يوم القيامة نادى مناد اين الذي لهم عند الله عهد فيدخلون الجنة) فلا بد من الدعاء فى الصبح والمساء لله الذي هو خالق الأرض والسماء ومن الإخلاص الذي هو ملاك الأمر كله فى طاعة المرء وعمله

عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وگر نه چهـ آيد ز بي مغز پوست

وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ نزلت فى اليهود والنصارى حين تركوا الإسلام الذي جاء به النبي عليه السلام وأنكروا نبوته إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ استثناء مفرغ من أعم الأحوال او أعم الأوقات اى وما اختلفوا فى دين الله الإسلام ونبوة محمد عليه السلام فى حال من الأحوال او فى وقت من الأوقات الا بعد ان علموا بانه الحق الذي لا محيد عنه او بعد ان علموا حقيقة الأمر وتمكنوا من العلم بها بالحجج والآيات الباهرة. وفيه من الدلالة على ترامى حالهم فى الضلالة ما لا مزيد عليه فان الاختلاف بعد حصول تلك المرتبة مما لا يصدر عن العاقل بَغْياً بَيْنَهُمْ مفعول له لقوله اختلف اى حسدا كائنا بينهم وطلبا للرياسة لا شبهة وخفاء فى الأمر وهو تشنيع اثر تشنيع وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ الناطقة

<<  <  ج: ص:  >  >>