للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القشيري رحمه الله هذا للمستأنفين وقوله وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ للعارفين أولئك اصحاب التخفيف والتسهيل وهؤلاء اصحاب التخويف والتهويل ونظيره بشر المذنبين وانذر الصديقين فالله تعالى يمهل ولا يهمل فيجب ان لا يغتر العبد بامهاله بل يتأهب ليوم حسابه وجزائه

در خير باز است وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك

واعلم ان ما يعمله الإنسان او يقوله ينتقش فى صحائف النفوس السماوية وإذا تكرر صار ملكة راسخة لكنه مشغول عن تلك الهيآت الثابتة فى نفسه ونقوشها بالشواغل الحسية والوهمية والفكرية فاذا فارقت النفس الجسد وقامت قيامتها وجدت ما عملت من خير وشر محضرا لارتفاع الشواغل المانعة كقوله تعالى أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ فان كان شرا تتمنى البعد فيما بينها وما بين ذلك اليوم او ذلك العمل لتعذبها به فتصير تلك الهيآت صورتها ان كانت راسخة وإلا صورة تعذبها وتعذبت بحسبها ومن الله العصمة: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره

هر خيالى كو كند در دل وطن ... روز محشر صورتى خواهد شدن «١»

سيرتى كان در وجودت غالب است ... هم بر آن تصوير حشرت واجب است «٢»

فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الذميمة ويطهر قلبه عن لوث العلائق الدنيوية ويجتهد فى تحصيل مرضاة الله بالأعمال الصالحة والأقوال الحقة كى يجدها عند ربه يوم احتياجه ويفوز بالسعادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط واعرى ما كانوا قط وانصب ما كانوا قط فمن اطعم الله أطعمه ومن سقى الله سقاه ومن كسا الله كساه ومن عمل لله كفاه) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام باعد بينى وبين خطيئتى كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلني بماء الثلج والبرد سبحان الله وبحمده استغفر الله العظيم وأتوب اليه) ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الى أصحابه حوله فقال (ايها الناس لا تعجبوا بانفسكم وبكثرة أعمالكم وبقلة ذنوبكم ولا تعجبوا بامرئ حتى تعلموا بم يختم له) قال عليه السلام (فانما الأعمال بخواتيمها ولو ان أحدكم جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لتمنى الزيادة لهول ما يقدم عليه يوم القيامة) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي اثبت فيه الياء لانه اصل ولم يثبت فى فاتقون وأطيعون لانه ختم آية ينوى بها الوقف يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ نزلت حين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن الأشرف ومن تابعه الى الايمان فقالوا نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فقال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم انى رسول الله أدعوكم اليه فان كنتم تحبونه فاتبعونى على دينه وامتثلوا امرى يحببكم الله ويرض عنكم. والمحبة ميل النفس الى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها اليه والعبد إذا علم ان الكمال الحقيقي ليس الا لله وان كل ما يراه كمالا من نفسه او غيره فهو من الله وبالله والى الله لم يكن حبه الا لله وفى الله وذلك يقتضى ارادة طاعته والرغبة فيما يقربه اليه فلذلك فسرت المحبة بارادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فى طاعته والحرص على مطاوعته


(١) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم إلخ
(٢) در أوائل دفتر دوم در بيان آمدن دوستان بيمارستان جهة پرسش ذو النون قدس سره

<<  <  ج: ص:  >  >>