للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم كما تقول لاحد إذا أردت الوعد له انا اعلم ما فعلت لى وفى قوت القلوب قد قرن الله تعالى قوام الليل برسوله المصطفى عليه السلام وجمعهم معه فى شكر المعاملة وحسن الجزاء وفى التأويلات النجمية يشير الى انسلاخ رسول القلب عن ليل طبيعته فى اكثر الأوقات بالتوجه الى الله والاعراض عن النفس الا فى اوقات قلائل وذلك لحكمة مقتضية للحجاب فان الحجاب رحمة كما قيل لولا الحجاب ما عرف الآله وطائفة من الذين مع رسول القلب من القوى الروحانية والأعضاء والجوارح وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وحده لا يقدر على تقديرهما ومعرفة مقادير ساعاتهما وأوقاتهما أحد أصلا فان تقديم الاسم الجليل مبتدأ وبناء يقدر عليه موجب للاختصاص قطعا والتقدير بالفارسية اندازه كردن يعنى وخداى تعالى اندازه ميكند شب وروز را وميداند مقادير ساعات آن. قال الراغب التقدير تبيين كمية الشيء وقوله

تعالى والله إلخ اشارة الى ما اجرى من تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل اى إدخال هذا فى هذا أو أن ليس أحد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما فى وقت معلوم والحاصل ان العالم بمقادير ساعات الليل والنهار على حقائقها هو الله وأنتم تعلمون ذلك بالتحرى والاجتهاد الذي يقع فيه الخطأ فربما يقع منكم الخطأ فى أصابتها فتقومون اقل من المقادير المذكورة ولذا قال عَلِمَ الله إِنَّ اى ان الشأن لَنْ تُحْصُوهُ لن تقدروا على تقدير الأوقات على حقائقها ولن تستطيعوا ضبط الساعات ابدا فالضمير عائد الى المصدر المفهوم من يقدر قال فى تاج المصادر الإحصاء دانستن وشمردن بر سبيل استقصا وتوانستن. قال الراغب الإحصاء التحصيل بالعدد وروى استقيموا ولن تحصوا اى لن تحصلوا ذلك لان الحق وأحد والباطل كثير بل الحق بالاضافة الى الباطل كالنقطة بالاضافة الى سائر اجزاء الدائرة وكالمرمى من الهدف وإصابة ذلك شديدة واحتج بعضهم بهذه الآية على وقوع تكليف ما لا يطاق فانه تعالى قال لن تحصوه اى لن تطيقوه ثم انه كلفهم بتقدير الساعات والقيام فيها حيث قال قم الليل إلخ ويمكن أن يجاب عنه بان المراد صعوبته لا انهم لا يقدرون عليه أصلا كما يقال لا أطيق ان أنظر الى فلان إذا استثقل النظر اليه وفى التأويلات النجمية يعنى السلوك من ليل الطبيعة الى نهار الحقيقة بتقدير الله لا بتقدير السالك علم أن لن تقدروا على مدة ذلك السلوك بالوصول الى الله إذ الوصول مترتب على فضل الله ورحمته لا على سلوككم وسيركم فكم من سالك انقطع فى الطريق ورجع القهقرى ولم يصل كما قيل ليس كل من سلك وصل ولا كل من وصل اتصل ولا كل من اتصل انفصل فَتابَ عَلَيْكُمْ بالترخيص على ترك القيام المقدر ورفع التبعة عن التائب ثم استعمل لفظ المشبه به فى المشبه ثم اشتق منه فتاب اى فرخص والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ اى فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل غير مقدرة بكونها فى ثلث الليل او نحوه ولو قدر حلب شاة فهذا يكون اربع ركعات وقد يكون ركعتين عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها على طريق اطلاق اسم الجزء على الكل مجازا مرسلا فتبين ان التهجد كان واجبا على التخيير المذكور فعسر عليهم القيام به فنسخ بهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>