للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الامام بالألف وانما كتب فى المصحف بالألف لانه رأس آية فشابه القوا فى والفواصل التي تزاد فيها الألف للوقف قَدَّرُوها تَقْدِيراً صفة لقوارير ومعنى تقدير الشاربين المطاف عليهم لها أنهم قدروها فى أنفسهم وأرادوا أن تكون على مقادير وإشكال معينة موافقة لشهواتهم فجاءت حسبما قدروها فان منتهى ما يريده الرجل فى الآنية التي يشرب منها الصفاء فقد ذكره الله بقوله كانت قوارير وايضا النقاء فقد ذكره الله بقوله من فضة وايضا الشكل والمقدار فقد ذكره الله بقوله قدروها تقديرا او قدروها بأعمالهم الحسنة فجاءت على حسبها وقيل الضمير للطائفين بها المدلول عليهم بقوله ويطاف عليهم اى قدروا شرابها على إضمار المضاف على قدر استروائهم وريهم من غير زيادة ولانقصان وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته فان طرفى الاعتدال مذمومان كما قال مجاهد لا فيض فيها ولا غيض اى لا كثرة ولا قلة وقال الضحاك على قدر اكف الخدم وَيُسْقَوْنَ فِيها اى فى الجنة بسقى الله او بسقى الطائفين بأمر الله وفيه زيادة تعظيم لهم ليست فى قوله يشربون من كأس بصيغة المعلوم كَأْساً خمرا كانَ مِزاجُها ما تمزج به وخلط زَنْجَبِيلًا الزنجبيل عرق يسرى فى الأرض ونباته كالقصب والبردي وعلم منه ان ما كان مزاجها زنجبيلا غير ما كان مزاجها كافور او المعنى زنجبيلا اى ماء يشبه الزنجبيل فى الطعم وكان الشراب الممزوج به أطيب ما يستطيب العرب وألذ ما تستلذ به لانه يحذو اللسان ويهضم الطعام كما فى عين المعاني ولما كان فى تسمية تلك العين بالزنجبيل توهم ان ليس فيها سلاسة الانحدار فى الحق وسهولة مشاغها كما هو مقتضى اللذع والإحراق أزال ذلك الوهم بقوله عَيْناً بدل من زنجبيلا فِيها تُسَمَّى عند الملائكة من خازن الجنة واتباعه سَلْسَبِيلًا لسلاسة انحدارها فى الحلق وسهولة مساغها فكان العين سميت بصفاتها قال بعضهم يطلق عليها ذلك وتوصف به لا انه علم لها يعنى ان سلسبيل صفة لا اسم والا لامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث ولم يقرأ به واحد من العشرة ويقال انما صرف مع انه اسم عين وهى مؤنث معنوى لرعاية رأس الآية قال فى الكواشي لفظ مفرد بوزن فعلليل كدرد بيس يقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل سهل الدخول فى الحلق لعذوبته وصفائه ولذلك حكم بزيادة الباء اى بعدم التفاوت فى المعنى بوجودها وعدمها والا فالباء ليست من حروف الزيادة وقيل زيدت الباء على السلسال حتى صارت كلمة خماسية للدلالة على غاية السلاسة والحلاوة وقال ابن المبارك من طريق الاشارة معنى السلسبيل سل من الله اليه سبيلا قال ابن الشيخ جعل الله مزاج شراب الأبرار اولا كافورا وثانيا زنجبيلا لان المقصود الأهم حال الدخول البرودة لهجوم العطش عليهم من حر العرصات وعبور الصراط وبعد استيفاء حظوظهم من أنواع نعيمها ومطعوماتها تميل طباعهم الى الأشربة التي تهيج الاشتهاء وتعيين على تهنئة ما تناولوه من المطعومات ويلتذ الطبع بشربها فلعل الوجه فى تأخير ذكرما يمزج به الزنجبيل عما يمزج به الكافور ذلك وفى التأويلات النجمية يشير بالزنجبيل الى شراب الوحدة الممزوجة بزنجبيل الكثرة المعقولة من مفهوم التوحيد وبالسلسبيل الى شراب الوحدة الصافية عن الامتزاج

<<  <  ج: ص:  >  >>