للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشارة بقوله كان لكم جزاء وأعلاها كونه مرضيا له واليه الاشارة بقوله وكان سعيكم مشكورا ولما كان كونه مرضيا أعلى الدرجات ختم به ذكر مراتب الأبرار وفى التأويلات النجمية ان هذا كان لكم جزاء لاقتضاء استعداداتكم الفطرية وكان سعيكم مشكورا غير مضيع بسبب الرياء والسمعة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا اى مفرقا منجما لحكم بالغة مفتضية له لا غيريا كما يعرب عنه تكرير الضمير مع ان فكأنه تعالى يقول ان هؤلاء الكفار يقولون ان ذلك كهانة وسحر فانا الملك الحق أقول على سبيل التأكيد ان ذلك وحي حق وتنزيل صدق من عندى فلا تكترث بطعنهم فانك أنت النبي الصادق المصدق فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ بتأخير نصرك على الكافرين فان له عاقبة حميدة ولا تستعجل فى امر المقابلة والانتقام فان الأمور مرهونة بأو فانها وكل آت قريب وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من الكفار آثِماً أَوْ كَفُوراً او لاحد الشيئين والتسوية بينهما فاذا قلت فى الإثبات جالس الحسن او ابن سيرين كان المعنى جالس أحدهما فكلما إذ قلت فى النهى لا تكلم زيدا او عمرا كان التقدير لا تلكم أحدهما والأحد عام لكل واحد منهما فهو فى المعنى لا تكلم واحدا منهما فمآل المعنى فى الآية ولا تطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك اليه ومن الغالي فى الكفر الداعي اليه فاو للاباحة اى للدلالة على انهما سيان فى استحقاق العصيان اى عصيان المخاطب للداعى إليهما والاستقلال به والتقسيم الى الآثم والكفور مع ان الداعين بجمعهم الكفر باعتبار ما يدعونه اليه من الإثم والكفر لا باعتبار انقسامهم فى أنفسهم لى الآثم والكفور لانهم كانوا كفرة والكفر أخبث انواع الإثم فلا معنى للقسمة بحسب نفس كفرهم واثمهم وذلك ان ترتب النهى على الوصفين مشعر بعليتهما له فلا بد أن يكون النهى عن الاطاعة فى الاسم والكفر لا فيما ليس بإثم ولا كفر فالمراد بالإثم ما عدا الكفر إذ العام إذا قوبل بالخاص يراد به ما عدا ذلك الخاص وخص الكفر بالذكر تنبيها على غاية خبثه من بين انواع الإثم فكل كفور آثم وليس كل آثم كفورا ولا بعد أن يراد بالآثم من هو تابع وبالكفور من هو متبوع (وقال الكاشفى) آثما كناهكارى را كه ترا بإثم خواند چون عتبة بن ربيعه كه كفت از دعوت خود باز ايست تا دختر خود را بتو دهم او كفورا ونا سپاسى را كه ترا بكفر دعوت كند چون وليد بن مغيره كه كفت بدين اباء رجوع كن تا ترا توانكر سازم. وفى نهيه عليه السلام عن الاطاعة فيما يدعونه اليه مع انه ما كان يطيع أحدا منهم ولا يتصور فى حقه ذلك اشارة الى ان الناس محتاجون الى مواصلة التنبيه والإرشاد من حيث ان طبيعتهم التي جبلوا عليها ركب فيها الشهوة الداعية الى السهو والغفلة وان أحدا لو استغنى عن توفيق الله وإمداده وإرشاده لكان أحق الناس به هو الرسول المعصوم فظهر انه لا بد لكل مسلم أن يرغب الى الله ويتضرع اليه أن يحفظه من الفتن والآفات فى جميع أموره وقال القاشاني ولا تطع منهم آثما اى محتجبا بالصفات والأحوال او بذاته عن الذات او بصفات نفسه وهيئاتها عن الصفات او كفورا محتجبا بالافعال والآثار واقفا معها او بأفعاله ومكسوباته عن الافعال فتحجب بموافقتهم انتهى عصمنا الله وإياكم من موافقة الأعداء مطلقا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً أول النهار وَأَصِيلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>