للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعلنا نومكم غفلتكم راحة واستراحة باستيفاء اللذات واستقصاء الشهوات وجعلنا ليل طبعتكم ستر النهار روحانيتكم وجعلنا نهار روحانيتكم معاشا تعيشون فيه بالطاعات والعبادات وهذه صورة البعث وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ وبنا كرده ايم بر سر شما را سَبْعاً شِداداً جمع شديد أي سبع سموات قوية الخلق محكمة البناء لا يؤثر فيها مر الدهور وكر العصور وقال أبو الليث غلاظا غلظ كل سماء مسيرة خمسائة عام والتعبيرى عن خلقها بالبناء مبنى على تنزيلها منزلة القباب المضروبة على الخلق وفيه اشارة الى طبقات القلب السبع الاولى طبقة الصدور وهى معدن جوهر الإسلام والثانية طبقة القلب وهى محل جوهر الايمان والثالثة الشغاف وهى معدن العشق والمحبة والشفقة والرابعة الفؤاد وهو معدن المكاشفة والمشاهدة والرؤية والخامسة حبة القلب وهى مخصوصة نمحبة الله تعالى لا تعلق لها بمحبة الكونين وعشق العالمين والسادسة السويداء وهى معدن العلم اللدني وميت الحكمة والسابعة بيت العزة وهى قلب الأكملين وفى هذا البيت اسرار الهية لا تخرج من الباطن الى الظاهر أصلا ولا يظهر منها اثر قطعا وَجَعَلْنا انشأنا وأمدعنا سِراجاً هو الشمس والتعبير عنها بالسراج من روادف التعبير عن خلق السموات بالبناء قال الراغب السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل شىء مضيئ ويقال للسراج مصباح وَهَّاجاً وقادا متلألئا من وهجت النار إذا أضاءت او بالغا فى الحرارة من الوهج وهو الحر وهو ما قال بعض المفسرين سراجا وهاجا اى مضيئا جامعا بين النور والحرارة يعنى چراغى افروخته وتابان. يقال ان الشمس والقمر خلقا فى بدء أمرهما من نور العرش ويرجعان فى القيامة الى نور العرش وذلك فيما روى عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال الا أحدثكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما قال قلنا بلى يرحمك الله فقال ان رسول الله عليه السلام سئل عن ذلك فقال ان الله تعالى لما ابرز خلقه احكاما ولم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور عرشه فاما ما كان فى سابق علمه ان يدعها شمسا فانه خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها وما كان فى سابق علمه ان يطمسها ويحولها قمرا فانه خلقها دون الشمس فى العظم ولكن انما يرى صغرهما لشدة ارتفاعهما فى السماء وبعدهما من الأرض فلو ترك الله الشمس والقمر كما كان خلقهما فى بدء أمرهما لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولا يدرى الأجير متى يعمل ومتى يأخذ اجره ولا يدرى الصائم متى يصوم ومتى يفطر ولا تدرى المرأة متى تعتدو لا يدرى المسلمون متى وقت صلاتهم ومتى وقت حجهم فكان الرب تعالى انظر لعباده وارحم بهم فأرسل جبريل فأمر جناحه على وجه القمر فطمس منه الضوء وبقي فيه النور فذلك قوله تعالى وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة فالسواد الذي ترونه فى القمر شبه الخطوط فيه فهو أثر المحو قال فاذا قامت القيامة وقضى الله بين الناس وميز بين اهل الجنة والنار ولم يدخلوهما بعد يدعو الرب تعالى بالشمس والقمر ويجاء بهما أسودين مكورين قد وقفا فى زلازل وبلابل ترعد فرآئصهما من هول ذلك اليوم ومخافة الرحمن فاذا كانا

<<  <  ج: ص:  >  >>