للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروح النفس ويثلج به الصدر بالتكذيب الذي هو ضده جوزوا بالحميم والغساق بدل ما يجعل للمؤمنين مما يروحهم من برد الجنة وشرابها وللمناسبة بين الماء والعلم يعبر الماء فى الرؤيا بالعلم وقال بعض اهل الحقائق ان جهنم الطبيعة الحيوانية يرصد فيها القوى البشرية وهى خزنة جهنم طبيعة ارباب النفوس الامارة والهوى المتبع للظالمين على نفوسهم بالاهوية والبدع والإباحة والزندقة والاتحاد والحلول والفضول مآبا لابثين فيها أحقابا الى وقت الانسلاخ عن حكم البشرية والتلبس بملابس الشريعة وخلع الطريقة والحقيقة لا يذوقون فيها برد اليقين برفع الحجاب عن وجه بشريتهم ولا شراب المحبة لانهما كهم فى محبة الدنيا بسبب جهنم الطبيعة الا حميما وغساقا يسيل من صديد طبيعتهم وقال القاشاني الا حميما من اثر الجهل المركب وغساقا من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسقة والميل إليها جزاء موافقا لما ارتكبوه من الأعمال وقدموه من العقائد والأخلاق وذلك العذاب لفساد العمل والعلم فلم يعلموا صالحا رجاء الجزاء ولم يعلموا علما صالحا فيصدقوا بالآيات إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً تعليل لاستحقاقهم الجزاء المذكور وبيان لفساد قوتهم العملية اى كانوا ينكرون الآخرة ولا يخافون ان يحاسبوا بأعمالهم فلذا كانوا يقدمون على جميع المنكرات ولا يرغبون فى شىء من الطاعات وفسر الرجاء بالخوف لان الحساب من أصعب الأمور على الإنسان والشيء الصعب لا يقال فيه انه يرجى بل يقال انه يخاف ويخشى وَكَذَّبُوا بيان لفساد قوتهم النظرية بِآياتِنا الناطقة بذلك وفى بعض التفاسير بآياتنا القولية والفعلية الظاهرة على ألسنة الرسل وأيديهم كِذَّاباً اى تكذيبا مفرطا ولذلك كانوا مصرين على الكفر وفنون المعاصي فعوقبوا بأهول العقاب جزاء وفاقا وفعال من باب فعل شائع فيما بين الفصحاء مطرد مثل كلم كلاما قال صاحب الكشاف وسمعنى بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله قال بعضهم وأبدل من أحد حرفى تضعيف بعض الأسماء ياء لئلا يلتبس بهذا المصدر المشدد مثل الدينار فان أصله الدنار ومثل السينات فى قول عمر بن عبد العزيز لكاتبه فى بسم الله طول الباء واظهر السينات ودور الميم فان أصله السنات جمع السن لاجمع السين لانه ليس فى البسملة الا سين واحدة ويجوز ان يقال عبر عن السن بالسين مبالغة كأنه قيل اجعل سنة كسينه فى الإظهار كما ذهب اليه الشريف وَكُلَّ شَيْءٍ اى وأحصينا كل شىء من الأشياء التي من جملتها أعمالهم فانتصابه بمضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ اى حفظناه وضبطناه وذلك اى انتصابه بالاضمار على شريطة التفسير هو الراجح لتقدم جملة فعله ولا يضره كون هذه الجملة معترضة كما سيجيئ او لان المقصود المهم هنا الاخبار عن الإحصاء لا الاخبار عن كل شىء كِتاباً مصدر مؤكد لاحصيناه من غير لفظه لما ان الإحصاء والكتابة من واد واحد أي يتشار كان فى معنى الضبط فكأنه قال وكل شىء أحصيناه إحصاء مساويا فى القوة والثبات بالعلم المقيد بالكتابة او كتبناه كتابا وأثبتناه اثباتا ويجوز ان يكون من الاحتباك حذف فعل الثاني بقرينة الاول ومصدر الاول بقرينة الثاني اى

<<  <  ج: ص:  >  >>