للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عالم الروح المجرد لتقدسه عن التعلق بالمواد واسمه طوى لانطوآء الموجودات كلها من الأجسام والنفوس تحته وفى طبه وقهره وهو عالم الصفات ومقام المكالمة من تجلياتها فلذلك ناداه بهذا الوادي ونهاية هذا العالم هو الأفق الأعلى الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده جبريل على صورته اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ على ارادة القول اى فقال له اذهب الى فرعون إِنَّهُ طَغى تعليل للامر او لوجوب الامتثال به والطغيان مجاوزة الحد أي طغى على الخالق بأن كفر به وطغى على الخلق بأن تكبر عليهم واستعبدهم فكما ان كمال العبودية لا يكون الا بالصدق مع الحق وحسن الخلق مع الخلق فكذا كمال الطغيان يكون بسوء المعاملة معهما وقال القاشاني اى ظهر بانانيته وذلك ان فرعون كان ذا نفس قوية حكيما عالما سلك وادي الافعال وقطع بوادي الصفات واحتجب بانانيته وانتحل صفات الربوبية ونسبها الى نفسه وذلك تفرعنه وجبروته وطغيانه فكان ممن قال فيه عليه السلام شر الناس من قامت القيامة عليه فهو حى لقيامة بنفسه وهواها فى مقام توحيد الصفات وذلك من أقوى الحجب فَقُلْ بعد ما أتيته هَلْ لَكَ رغبة وتوجه إِلى أَنْ تَزَكَّى بحذف احدى التاءين من تتزكى اى تتطهر من دنس الكفر والطغيان ووسخ الكدورات البشرية والقاذورات الطبيعية فقوله لك خبر مبتدأ محذوف والى ان متعلق بذلك المبتدأ المضمر وقد يقال قوله هل لك مجاز عن اجذبك وأدعوك والقرينة هى القربية وهى المجاورة وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ وأرشدك الى معرفته فتعرفه أشار الى ان فى النظم مضافا مضمرا وتقديم التزكية لتقدم التخلية على التحلية فَتَخْشى إذا لخشية لا تكون الا بعد معرفته قال تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء اى العلماء بالله قيل انه تعالى قال فى آخره ولن يفعل فقال موسى فكيف امضى اليه وقد علمت انه لن يفعل فأوحى اليه ان امض لما تؤمر فان فى السماء اثنى عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يدركوه وجعل الخشية غاية للهداية لانها ملاك الأمر لان من خشى الله أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر كما قال عليه السلام من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل يقال ادلج القوم إذا ساروا من أول الليل وان ساروا من آخر الليل فقد ادلجوا بالتسديد ثم انه تعالى أمر موسى عليه السلام بأن يخاطبه بالاستفهام الذي معناه العرض ليشتدعيه بالتلطف فى القول ويستنزله بالمداراة من عتوه وهذا ضرب تفصيل لقوله تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او بخشى اما كونه لينا فلانه فى صورة العرض لا فى صورة الأمر صريحا وليس فيه ايضا ذكر نحو الشرك والجهل والكفران من متعلقات التزكى واما اشتماله على بعض التفصيل فظاهر فَأَراهُ پس بنمود او را موسى الْآيَةَ الْكُبْرى الفاء فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلا على تفصيلها فى السور الاخرى فانه جرى بينه وبين فرعون ما جرى من المحاورات الى ان قال كنت جئت بآية فائت بها ان كنت من الصادقين اى فذهب اليه موسى بأمر الله فدعاه الى التوحيد والطاعة وطلب هو منه المعجزة الدالة على صدقه فى دعوته والإراءة اما من التبصير أو التعريف فان اللعين

<<  <  ج: ص:  >  >>