للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصعب فيلزمهم بأن يقول لهم ايها السفهاء من قدر على الأصعب الأعسر كيف لا يقدر على اعادتكم وحشركم وهى أسهل وأيسر فخلقكم على وجه الاعادة اولى ان يكون مقدور الله فكيف تنكرون ذلك قوله ءانتم مبتدأ وأشد خبره وخلقا تمييز والسماء عطف على أنتم وحذف خبره لدلالة خبر أنتم عليه اى أم السماء أشد خلقا بَناها الله تعالى وهو استئناف وتفصيل لكيفية خلقها المستفاد من قوله أم السماء فيتم الكلام حينئذ عند قوله أم السما ويبتدأ من قوله بناها وأم متصلة واستعمل البناء فى موضع السقف فان السماء سقف مرفوع والبناء انما يستعمل فى أسافل البناء لا فى الأعالي للاشارة الى انه وان كان سقفا لكنه فى البعد عن الاختلال والانحلال كالبناء فان البناء ابعد عن تطرق الاختلال اليه بالنسبة الى السقف رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها بيان للبناء اى جعل مقدار ارتفاعها من الأرض وذهابها الى سمت العلو مديدا رفيعا مسيرة خمسمائة عام فان امتداد الشيء ان أخذ من أسفله الى أعلاه سمى سمكا وإذا أخذ من أعلاه الى أسفله سمى عمقا وقال بعضهم السمك الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلى ما فوقها فيكون المراد ثخنها وغلظها وهو ايضا تلك المسيرة وَأَغْطَشَ لَيْلَها الغطش الظلمة قال الراغب وأصله من الاغطش وهو الذي فى عينه شبه عمش يقال اغطشه الله إذا جعله مظلما وأغطش الليل إذا صار مظلما فهو متعد ولازم والاول هو المراد هنا اى جعله مظلما ذهب النور فان قيل الليل اسم لزمان الظلمة الحاصلة بسبب غروب الشمس فقوله وأغطش ليلها يرجع معناه الى انه جعل المظلم مظلما وهو بعيد والجواب معناه ان الظلمة الحاصلة فى ذلك الزمان انما حصلت بتدبير الله وتقديره فلا إشكال وَأَخْرَجَ ضُحاها اى ابرز نهارها عبر عنه بالضحى وهو ضوء الشمس ووقت الضحى هو الوقت الذي تشرق فيه الشمس ويقوم سلطانها لانه اشرف أوقاتها وأطيبها على تسمية المحل باسم اشرف ما حل فيه فكان أحق بالذكر فى مقام الامتنان وهو السر فى تأخير ذكره عن ذكر الليل وفى التعبير عن احداثه بالإخراج فان اضافة النور بعد الظلمة أتم فى الانعام وأكمل فى الإحسان واضافة الليل والضحى الى السماء لدوران حدوثها على حركتها والاضافة يكفيها أدنى ملابسة المضاف اليه ويجوز ان تكون اضافة الضحى إليها بواسطة الشمس اى ابرز ضوء شمسها بتقدير المضاف والتعبير عنه بالضحى لانه وقت قيام سلطانها وكمال إشراقها. امام زاهد فرموده كه روز وشب دنيا بآسمان پيدا كردد بسبب آفرينش آفتاب وماه دور. قال بعض العارفين الليل ذكر والنهار أنثى فلما تغشاها الليل حملت فولدت فظهرت الكائنات عن غشيان الزمان فالمولدات أولاد الزمان واستخراج النهار من الليل كاستخراج حواء من آدم قال تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذاهم مظلمون وقال يولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل كعيسى فى مريم وحواء فى آدم فاذا خاطب أبناء النهار قال يولج الليل وإذا خاطب أبناء الليل قال يولج النهار وقال بعض اهل الحقائق ان توارد الليل والنهار اشارة الى توارد السيئة والحسنة فكما ان الدنيا لا تبقى على ليل وحده ولا على نهار وحده بل

<<  <  ج: ص:  >  >>