للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو اسم لما لا يستأنس بالإنسان من حيوان البر والمكان الذي لا انس فيه وحش وخلاف الوحشي الأهلى حُشِرَتْ اى جمعت من كل جانب واختلط بعضها ببعض وبالناس مع نفرة بعضها عن البعض وعن الناس ايضا وتفرقها فى الصحارى والقفار وذلك الجمع من هول ذلك اليوم وقيل بعثت للقصاص إظهارا للعدل قال قتادة يحشر كل شىء حتى الذباب للقصاص فاذا قضى بينها ردت ترابا فلا يبقى منها الا ما فيه سرور لبنى آدم وإعجاب بصورته او صورته كالطاووس والبلبل ونحوهما فاذا بعثت الحيوانات للقصاص تحقيقا لمقتضى العدل فكيف يجوز مع هذا ان لا يحشر المكلفون من الانس والجن وفيه اشارة الى القوى البشرية الطبيعية النافرة عن جناب الحق وباب القدس بأن أهلكت وأفنيت وجمعت الى ما منه بدت وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ اى أحميت او ملئت بتفجير بعضها الى بعض حتى تعود بحرا واحدا مختلطا عذبها بملحها وبالعكس فتعم الأرض كلها من سجر التنور إذا ملأه بالخطب ليحميه وجه الاحماء ان جهنم فى قعور البحار الا انها الآن مطبقة لا يصل أثر حرارتها الى ما فوقها من البحار ليتيسر انتفاع أهل الأرض بها فاذا انتهت مدة الدنيا يرفع الحجاب فيصل تأثير تلك النيران الى البحار فتسخن فتصير حميما لأهل النار او تبعت عليها ريح الدبور فتنفخها وتضربها فتصير نارا على ما قاله ابن عباس رضى الله عنهما فى وجه الاحماء.

در فتوحات مذكور است كه هرگاه كه عبد الله بن عمر رضى الله عنهما دريا را بديدى كفتى يا بحرمتي تعود نارا ووجه الامتلاء ان الجبال تندك وتفرق اجزاؤها وتصير كالتراب الهائل الغير المتماسك فلا جرم تنصب اجزاؤها فى أسافلها فتمتلئ المواضع الغائرة من الأرض فيصير وجه الأرض مستو يا مع البحار فتصير البحار بحرا واحدا مسجورا اى ممتلئا وقال بعضهم ملئت بإرسال عذبها على مالحها ثم أسيلت حتى بلغت الثور فابتلعها فلما بلغت الى جوفه نفدت وعن الحسن رحمه الله يذهب ماؤها حتى لا يبقى فيها قطرة قال الراغب وانما يكون كذلك لتسجير النار فيها اى اضرامها والتشديد فى مثل هذه الافعال قد يكون لتكثير الفعل وتكريره والتخفيف يحتمل القليل والكثير وخصت هذه السورة بسجرت موافقة لقوله سعرت لان معنى سجرت عند اكثر المفسرين أوقدت فصارت نارا فيقع التوعد بتسعير النار وتسجير البحار وخصت سورة الانفطار بفجرت موافقة لقوله وإذا الكواكب انتثرت لان فى كل من تساقط الكواكب وسيلان المياه على وجه الأرض وبعثرة القبور اى قلب ترابها مزايلة الشيء عن مكانه فلا فى كل واحد قرينه وفيه اشارة الى بحار المعرفة الذاتية والحكم الصفاتية والعلوم الاسمائية فانها إذا تحدت بالتجلى الوحدانى تصير بحرا واحدا وهو بجر الذات المشتمل على جميع المراتب والى البحار الحاصلة من اعتبارات الوجود وشؤونه الكلية ظاهرا او باطنا غيبا وشهادة دنيا وآخرة فانها قد جمعت واتحدت فصار بحر الوجود بحرا واحدا زخارا لا ساحل له ولا قعر والى بحار العناصر بأنه فجر بعضها الى بعض واتصل كل جزء بأصله فصارت بحرا واحدا وَإِذَا النُّفُوسُ الظاهر نفوس الإنسان ويحتمل أن تعم الجن ايضا كما فى بعض التفاسير زُوِّجَتْ التزويج جعل أحد زوجا لآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>