للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ى صحف الأعمال فانها تطوى عند الموت وتنشر عند الحساب اى تفتح فيعطاها الإنسان منشورة بأيمانهم وشمائلهم فيقف على ما فيها وتحصى عليه جميع اعماله فيقول مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها وفى الحديث (يحشر الناس عراة حفاة) فقالت أم سلمة رضى الله عنها فكيف بالنساء فقال (شغل النساء يا أم) سلمة قالت وما شغلهم قال (نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل) وقيل نشرت اى فرقت بين أصحابها وعن مرثد بن وادعة إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش فتقع صحيفة المؤمن فى يده فى جنة عالية وتقع صحيفة الكافر فى يده فى سموم وحميم اى مكتوب فيها ذلك وهى صحف غير صحف الأعمال وفيه اشارة الى صحائف القوى والنفوس التي فيها هيئات الأعمال تطوى عند الموت وتكوير شمس الروح وتنشر عند البعث والعود الى البدن وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قلعت وأزيلت بحيث ظهر ماوراءها وهو الجنة والعرش كما يكبشط الإهاب عن الذبيحة والغطاء عن الشيء المستور به قال الراغب هو من كشط الناقة اى تنحية الجلد عنها منه استعير انكشط روعه اى زال وفيه اشارة الى كشط سماء الأرواح عن ارض الأشباح والى طى ظهور الأسماء والصفات الى البطون والخفاء وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ اى او قدت للكافرين إيقادا شديدا لتحرقهم احراقا ابديا سعرها غضب الله وخطايا بنى آدم فاسعار النار زيادة التهابها لا حدوثها ابتداء وبه يندفع احتجاج من قال النار غير مخلوقة الآن لانها تدل على ان تسعرها معلق بيوم القيامة وذلك لان فيه الزيادة والاشتداد وفيه اشارة الى جحيم الخسران والخذلان فانها أوقدت بأحطاب الأعمال السيئة وأحجار الأحوال القبيحة خصوصا نار الغضب والشهوة التي كانوا عليها فى هذه النشأة وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ الازلاف التقريب بالفارسية نزديك كردن. اى قربت من المتقين ليدخلوها كقوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد وعن الحسن رحمه الله انهم يقربون منها لا انها تزول عن موضعها فالمراد من التقريب التعكيس للمبالغة كما فى قوله تعالى ويوم يعرض الذين كفرو على النار حيث تعرض النار عليهم تحقيرا وتحسيرا فقلب مبالغة ويحتمل ان يكون المراد التقريب المعنوي وهو جعل أهلها مستحقين لدخولها مكرمين فيها وفيه اشارة الى تقريب نعيم آثار الرضى واللطف من المتقين وكذا جنة الوصول والوصال لمحبى الجمال والكمال كما قيل هذه اثنتا عشر خصلة ست منها فى الدنيا اى فيما بين النفختين وهن من أول السورة الى قوله وإذا البحار سجرت على ان المراد بحشر الوحوش جمعها من كل ناحية لا بعثها للقصاص وسعت فى الآخرة اى بعد النفخة الثانية وقال أبى بن كعب رضى الله عنه ست آيات قبل القيامة بينما الناس فى أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت وفزعت الجن الى الانس والانس الى الجن واختلطت الدواب والطير والوحوش وماج بعضهم فى بعض فحينئذ تقول الجن للانس نحن نأتيكم بالخبر فينطلقون الى البحر فاذا هو نار

<<  <  ج: ص:  >  >>