للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفس العقبة بل لاقتحامها بتقدير المضاف وذلك لان العقبة عين والفك فعل فلا يكون تفسيرا للآخر ثم فك الرقبة قد يكون بان ينفرد الرجل فى عتق الرقبة وقد يكون بان يعطى مكاتبه ما يصرفه الى جهة فكاك رقبته وبان يعين فى تخليص نفس من قود أو غرم فهذا كله يعم الفك دون الاعتاق ويحتمل ان يكون المراد بفك الرقبة ان يفك المرء رقبة نفسه من عذاب الله بان يشتغل بالأعمال الصالحة حتى يصير بها الى الجنة ويتخلص من النار وهى الحرية الوسطى وان يفك رقبة القلب من اسر النفس وقيد الهوى وتعلق السوي وهى الحرية الكبرى فيكون قوله او اطعام إلخ من قبيل التخصيص بعد التعميم اشارة الى مزيد فضل ذلك الخاص بحيث خرج به من أن يتناول اللفظ السابق مع عمومه وقال بعضهم تقدم العتق على الصدقة يدل على انه أفضل منها كما هو مذهب ابى حنيفة رحمه الله وفى الحديث من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار قال الراغب فك الإنسان غيره من العذاب انما يحصل بعد فك نفسه منه فان من لم يهتد ليس فى قوته ان يهدى وفك الرقبة من قبيل فك النفس لانه من الأعمال الصالحة التي لها مدخل عظيم فى فكها أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ اى مجاعة لقحط او غلاء من سغب إذا جاع قال الراغب السغب الجوع مع التعب وربما قيل فى العطش مع التعب فمسغبه مصدر ميمى وكذا مقربة ومتربة قيد الإطعام بيوم المجاعة لان إخراج المال فى ذلك الوقت أثقل على النفس وأوجب للاجر يَتِيماً مفعول اطعام ذا مَقْرَبَةٍ اى قرابة من قرب فى النسب قربا ومقربة وقال السجاوندى قرب قرابة او جوار انتهى قيد اليتيم بأن يكون بينه وبين المطعم قرابة نسبية لانه اجتمع فيه جهتا الاستحقاق اليتم والقرابة فاطعامه أفضل لا شتماله على الصدقة وصلة الرحم أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ اى افتقار من ترب بالكسر تربا بفتحتين ومتربا إذا افتقر كأنه لصق بالتراب من فقره وضره فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه ويفرشه واما قولهم اترب فمعناه صار ذا مال كالتراب فى الكثرة كما قيل اثرى وعن النبي عليه السلام فى قوله ذا متربة الذي مأواه المزابل وقال ابن عباس رضى الله عنهما البعيد التربة يعنى الغريب (كما قال الكاشفى) واين چنين كس عيال مند بود يا وام دار يا بيمار بي خواستار يا غريبى دور از ديار. وفى الحديث الساعي على الارملة والمسكين كالساعى فى سبيل الله وكالقائم لا يفتر والصائم لا يفطر يقول الفقير خص الفك والإطعام لصعوبة العمل بهما وجعل الإطعام لليتيم والمسكين لما ان ذلك يثقل على النفس فقد ينفق المرء الوفا فى هواه كاطعام اهل الهوى وبناء الابنية الزائدة ونحو ذلك ولا يستكثرها واما الفقير واليتيم فلا يراهما بصره لهوانهما عنده وعلى تقدير الرؤية فيصعب عليه إعطاء درهم او درهمين او اطعام لقمة او لقمتين واحتج الشافعي رحمه الله بهذه الآية على ان المسكين قد يكون بحيث يملك شيأ والا لكان تقييده بقوله ذا متربة تكرارا وهو غير جائز وفيه بحث لجواز أن يكون ذا متربة صفة كاشفة للمسكين وتكون الفائدة فى التوصيف بها التصريح بجهة الاحتياج ليتضح ان اطعام الاحوج أفضل والتكرير الذي لا يجوز هو التكرير الخالي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>