للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبقاء مع الصحة ونحوها واخروى وهو بقاء فلا فناء وغنى بلا فقر وعز بلا ذل وعلم بلا جهل ولذلك قيل لا عيش الا عيش الآخرة واصل الزكاة الزيادة والنمو ومنه زكا الزرع إذا حصل فيه نمو كثير وبركة ومنه تزكية القاضي الشاهد لانه يرفع قدره بالتعديل ومنه الزكاة لما يخرج الإنسان من حق الله الى الفقراء لما فيها من رجاء البركة او لتزكية النفس اى تنميتها بالخيرات والبركات او لهما جميعا فان الخيرين موجودان فيها والمعنى قد فاز بكل مطلوب ونجا من كل مكروه من أنمى النفس وأعلاها بالتقوى اى رفعها وأظهرها وشهرها بها فاهل الصلاح يظهرون أنفسهم ويشهرونها بما سطح من أنوار تقواهم الى الملاء الأعلى وبملازمتهم مواضع الطاعات ومحافل الخيرات بخلاف اهل الفسق فانهم يخفون أنفسهم ويدسونها فى المواضع الخفية لا يلوح عليهم سيما سعادة يشتهرون به بين عباد الله المقربين واصل هذا ان أجواد العرب كانوا ينزلون فى ارفع المواضع ويوقدون النار للطارقين لتكون أشهر واللئام ينزلون الأطراف والهضاب لتخفى اما كنهم عن الطالبين فاخفوا أنفسهم فالبار ايضا اظهر نفسه باعمال البر والفاجر دسها وتستعمل التزكية بمعنى التطهير ايضا كما قال فى القاموس الزكاة صفوة الشيء وما أخرجته من مالك لتطهره به فالمعنى قد أفلح من طهر نفسه من المخالفات الشرعية عقدا وخلقا وعملا وقولا فقد اقسم تعالى بسبعة أشياء على فلاح من زكى نفسه ترغيبا فى تزكيتها. وابن عباس رضى الله عنهما روايت كرده كه حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم نزديك تلاوت اين آيت فرمودى كه تزكيه انفس موجب تزكيه دل است هرگاه كه نفس از شوب هوا مزكى شود فى الحال دل از لوث تعلق بما سوى مصفى كردد

تا نفس مبرا ز مناهى نشود ... دل آيينه نور الهى نشود

وكون افعال العبد بتقدير الله تعالى وخلقه لا ينافى اسناد الفعل الى العبد فانه يقال ضرب زيد ولا يقال ضرب الله مع أن الضرب بخلقه وتقديره وذلك لأن وضع الفعل بالنسبة الى الكاسب قال الراغب وبزكاه النفس وطهارتها يصير الإنسان بحيث يستحق فى الدنيا الأوصاف المحمودة وفى الآخرة الاجر والمثوبة وهو أن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره وذلك ينسب تارة الى العبد لاكتسابه ذلك نحو قد أفلح من زكاها وتارة الى الله لكونه فاعلا لذلك فى الحقيقة نحو بل الله يزكى من يشاء وتارة الى الشيء لكونه واسطة فى وصول ذلك إليهم نحو خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وتارة الى العبادة التي هى آلة فى ذلك نحو وحنانا من لدنا وزكاء انتهى وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها فى القاموس خاب يخيب خيبة حرم وخسرو كفر ولم ينل ما طلب واصل دسى دسس كتقضى البازي وتقضض من التدسيس وهو الإخفاء مبالغة الدس واجتماع الأمثال لما أوجب الثقل قلبت السين الاخيرة ياء وقال الراغب الدس إدخال الشيء فى الشيء بضرب من الإكراه ودساها اى دسسها فى المعاصي انتهى والمعنى قد خسر من نقصها وأخفاها بالفجور وبإرسالها فى المشتهيات الطبيعية وقال شيخى و؟؟؟ قدس سره فى قوله تعالى ونفس إلخ المراد بالنفس هنا الذات والحقيقة الجمعية

<<  <  ج: ص:  >  >>