للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلسائى الى فسلم على وجلس وقال سمعتك تقول عجبت من ضعيف عصى قويا فما أردت به فقلت ما ضعيف أضعف من ابن آدم ولا قوى أقوى من الله تعالى وقد تعرض ابن آدم مع ضعفه الى معصية الله قال فبكى ثم قال يا سرى هل يقبل ربك غريقا مثلى قلت ومن ينقذ الغرقى الا الله تعالى قال يا سري ان على مظالم كثيرة كيف اصنع قال إذا صححت الانقطاع الى الله ارضى عنك الخصوم بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان يوم القيامة واجتمع الخصوم على ولى الله تقول الملائكة لهم لا تروّعوا ولى الله فان الحق اليوم على الله فيهب الله لهم مقامات عالية بدل حقوقهم فيتجاوزون عن الولي) قال فبكى ثم قال صف لى الطريق الى الله فقلت ان كنت تريد طريق المقتصدين فعليك بالصيام والقيام وترك الآثام وان كنت تريد طريق الأولياء فاقطع العلائق واتصل بخدمة الخالق. فعلى السالك ان يتوب من جميع الآثام ولا يشغل سره سوى مشاهدة الله العلام

بهشت تن آسانى آنكه خورى ... كه بر دوزخ نيستى بگذرى

يعنى لاتصل الى الحضور الباقي والحياة الابدية الا بافناء وجودك فى وجود الحق وتبديل الأخلاق الذميمة بالأخلاق الحميدة فاذا جاوزت هذا الصراط الادق وصلت الى الجناب المطلق وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما انه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عبد الله كن فى الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل) اى لا تركن إليها ولا تتخذها وطنا ولا نحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب فى غير وطنه ولا تشتغل فيها بما لا يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى اهله (وعد نفسك من اصحاب القبور) وفيه اشارة الى الفناء عن اضافة الوجود الى نفسه بل الوجود كله لله تعالى فالبدن للروح بمنزلة القبر للميت فكما ان الميت فى قبره يسلم لامر مولاه ولا يعترض الى شىء أصلا كذلك ينبغى ان لا يتعرض العبد لشىء من الآفات البدنية والقلبية بل يدور حيث أوقفه الله من الفطرة الاصلية والشهود التام وقل من سلم من هذه الآفات الا ان العبد بالتوبة يتدارك ما فات فاياك ان ترخص لنفسك فى فعل شر فاذا قد فتحت بابه فاول الشر الخطرة كما ان أول السيل القطرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بال أقوام يشرفون المسرفين ويستخفون بالعابدين يعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض يسعون فيما يدرك من القدر المحتوم والرزق المقسوم والاجل المكتوب ولا يسعون فيما لا يدرك الا بالسعي من الاجر الموفور والسعى المشكور والتجارة التي لا تبور) فاذا وقفت على هذا جعلت سعيك للآخرة لا للدنيا بل لم تطلب من الله الا الله رزقنا الله وإياكم ذلك آمين إِنَّ الَّذِينَ كاليهود كَفَرُوا بعيسى والإنجيل بَعْدَ إِيمانِهِمْ بموسى والتوراة ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً حيث كفروا بمحمد عليه السلام والقرآن او كفروا به عليه السلام بعد ما آمنوا به قبل مبعثه ثم ازدادوا كفرا بالإصرار عليه والطعن فيه والصد عن الايمان ونقض الميثاق لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ لانهم لا يتوبون الا عند اشرافهم على الهلاك فكنى عن عدم توبتهم بعدم قبولها تغليظا فى شأنهم وابرازا لحالهم فى صورة حال الآيسين من

<<  <  ج: ص:  >  >>