للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى بعض ما تهوونه ويعجبكم من كرائم أموالكم وأحبها إليكم او ما يعمها وغيرها من الأعمال والمهجة على ان المراد بالإنفاق مطلق البذل. وفيه من الإيذان بعزة منال البر ما لا يخفى وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ اى اى شىء تنفقوا طيب تحبونه او خبيث تكرهونه فمحل الجار والمجرور النصب على التمييز فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ تعليل لجواب الشرط واقع موقعه اى فمجازيكم بحسبه جيدا كان او رديئا فانه تعالى عليم بكل شىء تنفقونه علما كاملا بحيث لا يخفى عليه شىء من ذاته وصفاته. وفيه من الترغيب فى انفاق الجيد والتحذير من انفاق الرديء ما لا يخفى فالوصول الى المطلوب لا يحصل الا بالإنفاق المحبوب ولذلك كان السلف إذا أحبوا شيأ جعلوه لله ذخيرة ليوم يحتاجون اليه والإنسان لا ينفق محبوبه الا إذا أيقن انه يتوصل بذلك الى وجدان محبوب اشرف من الاول فالانسان لا ينفق محبوبه فى الدنيا الا إذا تيقن بوجود الصانع العالم القادر وتيقن بالبعث والحساب والجزاء وان من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ولزم منه ان الإنسان لا يمكنه انفاق محبوبه فى الدنيا الا إذا كان مستجمعا لجميع الخصال المحمودة فى الدين فلا تقتضى الآية ان من أنفق ما أحب وصل الى الثواب العظيم وان لم يأت بسائر الطاعات- روى- انها لما نزلت جاء ابو طلحة فقال يا رسول الله ان أحب أموالي الىّ بئر حاء وهو ضيعة له فى المدينة مستقبل مسجد النبي

صلى الله عليه وسلم فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال صلى الله عليه وسلم (بخ بخ ذاك مال رابح او رائج فانى ارى ان تجعلها فى الأقربين فقسمها فى أقاربه) وفيه دلالة على ان انفاق أحب الأموال على اقرب الأقارب أفضل- وروى- عن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه انه كانت لزوجته جارية بارعة فى الجمال وكان عمر راغبا فيها وكان قد طلبها منها مرارا فلم تعطه إياها. ثم لما ولى الخلافة زينتها وأرسلتها اليه فقالت وهبتكها يا امير المؤمنين فلتخدمك قال من اين ملكتها قالت جئت بها من بيت ابى عبد الملك ففتش عن تملكه إياها فقيل انه كان على فلان العامل ديون فلما توفى أخذت من تركته ففتش عن حال العامل واحضر ورثته وأرضاهم جميعا بإعطاء المال ثم بوجه الى الجارية وكان يهواها هوى شديدا فقال أنت حرة لوجه الله فقيل لم يا امير المؤمنين وقد ازحت عن أمرها كل شبهة قال لست إذا ممن نهى النفس عن الهوى- يحكى- ان الربيع ضربه الفالج فكان السائل يقوم على بابه فيسأل فيقول الربيع أطعميه السكر فان الربيع يحب السكر يتأول قوله لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وطال به وجعه فاشتهى لحم دجاج فكف نفسه أربعين يوما فابت فقال لزوجته قد اشتهيت لحم دجاج منذ أربعين يوما فكففت نفسى رجاء ان تكف فابت فقالت امرأته سبحان الله وأي شىء هذا تكف نفسك عنه وقد أحله الله تعالى لك فارسلت امرأته الى السوق فاشترت له دجاجة بدرهم ودانقين فذبحتها وشوتها وخبزت له خبزا وجعلت له اصباغا ثم جاءت بالخوان فوضعته بين يديه فقام سائل على الباب فقال تصدقوا على بارك الله فيكم فكف عن الاكل وقال لامرأته خذى هذا وادفعيه اليه فقالت له امرأته سبحان الله قال افعلي ما آمرك به قالت فاصنع ما هو خير له قال وما هو قالت نعطيه ثمن هذا وتأكل أنت شهوتك قال قد.

<<  <  ج: ص:  >  >>