للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

او اختلاف يكون بينكم او جدب ونكبة يَفْرَحُوا بِها يشمتون مما أصابكم من ضرر وشدة وذكر المس مع الحسنة والاصابة مع السيئة للايذان بان مدار مساءتهم ادنى مراتب إصابة الحسنة ومناط فرحهم تمام إصابة السيئة وَإِنْ تَصْبِرُوا على عداوتهم او على مشاق التكاليف وَتَتَّقُوا ما حرم الله عليكم ونهاكم عنه لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ مكرهم وحيلتهم التي دبروها لاجلكم. والكيد حيلة لطيفة تقرب وقوع المكيد به فيها شَيْئاً نصب على المصدرية اى لا يضركم شيأ من الضرر بفضل الله وحفظه الموعود للصابرين والمتقين ولان المجد فى الأمر المتدرب بالاتقاء والصبر يكون جريئا على الخصم إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ فى عداوتكم من الكيد مُحِيطٌ علما فيعاقبهم على ذلك. والإحاطة ادراك الشيء بكماله. فينبغى للمرء ان يجانب اعداء الله ويصبر على اذاهم فانه امتحان له من الله مع انهم لا يقدرون على غير القدح باللسان كما قال تعالى لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً والطعن لم يتخلص منه

الأنبياء والأولياء فكيف أنت يا رجل وكلنا ذلك الرجل

تو روى از پرستيدن حق مپيچ ... مهل تا نگيرند خلقت بهيچ

رهايى نيابد كس از دست كس ... گرفتار را چاره صبرست وبس

وفى قوله تعالى لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ اشارة الى ان الحامل لاسرار الرجل ينبغى ان يكون من جنسه معتمدا عليه مؤتمنا وربما يفشى الرجل سره الى من لم يجربه فى كل حاله فيفتضح عند الناس

ان الرجال صناديق مقفلة ... وما مفاتيحها الا التجاريب

فلا تغتر بظاهر انسان حتى تعرف سريرته. قال الامام الغزالي ولا تعول على مودة من لم تختبره حق الخبرة بان تصحبه مدة فى دار أو موضع واحد فتجربه فى عزله وولايته وغناه وفقره او تسافر معه او تعامله فى الدينار والدرهم او تقع فى شدة فتحتاج اليه فان رضيته فى هذه الأحوال فاتخذه أبالك ان كان كبيرا او ابنا ان كان صغيرا او أخا ان كان مثلا لك وإذا بلغك من الاخوان غيبة او رأيت منهم شرا او أصابك منهم ما يسوءك فكل أمرهم الى الله ولا تشغل نفسك بالمكافاة فيزيد الضرر ويضيع العمر لشغله. ومن بلاغات الزمخشري ما قدع السفيه بمثل الاعراض وما اطلق عنانه بمثل العراض اى المعارضة: ونعم ما قيل

اصبر على مضض الحسو ... د فان صبرك قاتله

والنار تأكل نفسها ... ان لم تجد ما تأكله

فالمجاملة من سير الصالحين. وكان ابراهيم بن أدهم فى جماعة من أصحابه فكان يعمل بالنهار وينفق عليهم ويجتمعون بالليل فى موضع وهم صيام فكان يبطئ فى الرجوع من العمل فقالوا ليلة تعالوا بنا نجعل فطورنا دونه حتى يعود بعد هذا اسرع فأفطروا وناموا فلما رجع ابراهيم وجدهم نياما فقال مساكين لعلهم لم يكن لهم طعام فعمد الى شىء من الدقيق هناك فعجنه وأوقد النار وطرح الملة فانتبهوا وهو ينفخ فى النار واضعا محاسنه على التراب فقالوا له فى ذلك فقال قلت لعلكم لم تجدوا فطورا فنمتم فاحببت ان تستيقظوا والملة قد أدركت فقال بعضهم لبعض ابصروا أي شىء عملنا وما الذي به يعاملنا

بدى را بدى سهل باشد جزا ... اگر مردى احسن الى من أساء

<<  <  ج: ص:  >  >>