للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دواعى فتنتها بعواصم رحمته حتى ينفض جنود الشهوات بهجوم وفور المنازلات فتبقى الولاية لله تعالى خالصة من رعونات الدواعي التي هى أوصاف البشرية وشهوات النفوس وان يخذلكم فالخذلان التخلية بينه وبين المعاصي فمن نصره قبض على يده عند الهم بتعاطى المكروه ومن خذله القى حبله على غاربه ووكله الى سوء اختياره فيهيم على وجهه فى فيافى البعد فتارة يشرق غير محتشم وتارة يغرب غير محترم ومن سيبه الحق فلا آخذ ليده ولا جابر لكسره وعلى الله فليتوكل المؤمنون فى وجدان الامان من هذه الاخطار عند صدق الابتهال واسبال ثوب العفو على الاجرام عند خلوص الالتجاء بالتبري من الحول والقوة ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.

جهان آفرين كر نه يارى كند ... كجا بنده پرهيز كارى بود

وَما كانَ لِنَبِيٍّ اى وما صح لنبى من الأنبياء عليهم السلام وما استقام له أَنْ يَغُلَّ اى يخون فى المغنم فان الغلول هو أخذ شىء من مال الغنيمة خفية وخيانة لكونها سببا للعار فى الدنيا وللنار فى العقبى تنافى منصب النبوة التي هى أعلى المناصب الانسانية والمراد اما تنزيه ساحة رسول الله عليه السلام عما ظن به الرماة يوم أحد حتى تركوا المركز وأفاضوا فى الغنيمة وقالوا تخشى ان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيأ فهو له ولا يقسم الغنائم كما لم يقسمها يوم بدر فقال لهم صلى الله عليه وسلم (ألم اعهد إليكم ان لا تتركوا المركز حتى يأتيكم امرى) فقالوا تركنا بقية إخواننا وقوفا فقال صلى الله عليه وسلم (بل ظننتم انا نغل ولا نقسم بينكم) واما المبالغة فى النهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روى انه بعث طلائع فغنم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعدهم فقسمها بين الحاضر ولم يترك للطلائع شيأ فنزلت والمعنى ما كان لنبى ان يعطى قوما من العسكر ويمنع آخرين بل عليه ان يقسم بين الكل بالسوية وعبر عن حرمان بعض الغزاة بالغلول تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى يأت بالذي غل بعينه يحمله على عنقه فيفتضح به على رؤوس الاشهاد وهو كقوله عليه السلام (من غصب قدر شبر من الأرض طوقه الله يوم القيامة من سبع ارضين) قال عليه السلام (من بعثناه على عمل فغل شيأ جاء يوم القيامة يحمله على عنقه) وقال صلى الله عليه وسلم (هدايا الولاة غلول) اى قبول الولاة الهدايا غلول لانه فى معنى الرشوة. وروى انه صلى الله عليه وسلم (قال ألا لا اعرفن أحدكم يأتى ببعير له رغاء وببقر له خوار وشاة لها ثغاء فينادى يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيأ فقد بلغتك) وقيل لابى هريرة رضى الله عنه كيف يأتى بما غل وهو كثير كبير بان غل أموالا جمة فقال أرأيت من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل ودقان وساقه مثل جبل ومجلسه ما بين المدينة وريدان يحمل مثل هذا ويجوز ان يراد بما احتمل من وباله وإثمه ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ اى تعطى وافيا جزاء ما كسبت خيرا او شرا كثيرا أو يسيرا وكان اللائق بما قبله ان يقال ثم يوفى ما كسب لكنه عمم الحكم ليكون كالبرهان على المقصود والمبالغة فيه فانه إذا كان كل كاسب مجزيا بعمله فالغال مع عظم جرمه بذلك اولى وَهُمْ اى كل الناس المدلول عليهم بكل نفس لا يُظْلَمُونَ بزيادة عقاب او بنقص ثواب أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ الهمزة

<<  <  ج: ص:  >  >>