للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذلكة التمثيل ونتيجته وأفادت انهم كانوا يستطيعون الرجوع باستطاعة سلامة الآلات حيث استحقوا الذم بتركه وان قوله تعالى صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ليس بنفي الآلات بل هو نفى تركهم استعمالها: قال السعدي قدس سره

زبان آمد از بهر شكر وسپاس ... بغيبت نگرداندش حق شناس

گذرگاه قرآن و پندست كوش ... به بهتان باطل شنيدن مكوش

دو چشم از پى صنع بارى نكوست ... ز عيب بردار فرو گير ودوست

ثم ان الله تعالى ندب الخلق الى الرجوع بالائتمار بامره والانتهاء بنهيه بقوله تعالى وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فمن لم يرجع اليه اختيارا رجعوا اليه بالموت والبعث كما قال تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ومن رجع اليه في الدنيا بفعله وحقق ذلك بقوله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ كان رجوعه اليه بالكرامة ويخاطب بقوله يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً- حكى- ان جبارا عاتيا في الزمن الاول بنى قصرا وشيده وزخرفه ثم آلى بيمينه ان لا يدنو من قصره هذا أحد فمن وقع بصره عليه قتله فكان يفعل ذلك ويقتل حتى جاءه رجل من اهل قريته فوعظه فى ذلك فلم يلتفت الى تحذيره ولم يعبأ بقوله فخرج ذلك الرجل الصالح من قريته وبنى كوخا وهو بيت من قصب بلا كوة وجعل يعبد الله فيه فبينما هذا الجبار في قصره وأصحابه قيام بين يديه إذ تمثل له ملك الموت على صورة رجل شاب حسن الهيئة فجعل يطوف حول هذا القصر ويرفع رأسه اليه فقال بعض ندمائه ايها الملك انا نرى رجلا يطوف حول القصر وينظر اليه فتعالى الملك على منظر له فابصره فقال هذا مجنون او غريب عابر سبيل ولكن انزل اليه فأرحه من نفسه فنزل اليه الرجل فلما أراد ان يرفع اليه السيف قبض روحه فخر ميتا فقيل للملك ان هذا قد قتل صاحبك فقال للآخر انزل اليه فاقتله فلما نزل وأراد ان يقتله قبض روحه فخر ميتا فرفع ذلك الى الملك فامتلأ غضا وأخذ السيف ونزل اليه بنفسه فقال من أنت اما رضيت ان دنوت من قصرى حتى قتلت رجلين من أصحابي فقال أو ما تعرفنى انا ملك الموت فارتعد الملك من هيبته حتى سقط السيف من يده قال فعرفتك الآن وأراد ان ينصرف فقال له ملك الموت الى اين انى أمرت بقبض روحك فقال حتى اوصى أهلي وأودعهم فقال له لم لم تفعل في طول عمرك قبل هذا فقبض روحه فخر الملك ميتا ثم جاء ملك الموت الى ذلك الرجل الصالح في كوخه فقال له ايها الرجل الصالح ابشر فانى ملك الموت وقد قبضت روح الملك الجبار فاعلم ذلك وأراد ان يرجع فاوحى الله تعالى الى ملك الموت ان اقبض روح الرجل الصالح فقال له ملك الموت انى أمرت بقبض روحك قال فهل لك يا ملك الموت ان ادخل القرية فاحدث باهلى عهدا وأودعهم فاوحى الله تعالى اليه ان أمهله يا ملك الموت فقال ان شئت فرفع الرجل الصالح قدميه ليدخل القرية فتفكر ثم ندم فقال يا ملك الموت انى أخاف ان رأيت أهلي ان يتغير قلبى فاقبض روحى فالله تعالى خير لهم منى فقبض روحه على المكان قال بعض العارفين والعجب كل العجب ممن يهرب مما لا انفكاك له عنه وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>