للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكون ذلك المتحول بحيث يصل المهاجر بما فيه من الخير والنعمة الى ما يكون سببا لرغم انف قومه الذين هاجرهم. والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الانف بالرغام وهو التراب يقال ارغم الله انفه اى ألصقه بالرغام ولما كان الانف من جملة الأعضاء فى غاية العزة والتراب فى غاية الذلة جعل قولهم رغم انفه كناية عن الذلة وَسَعَةً فى الرزق واظهار الدين وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً اى مفارقا قومه واهله وولده إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ اى الى طاعة الله وطاعة رسوله ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ اى قبل ان يصل الى المقصد وان كان ذلك خارج بابه كما ينبئ عنه إيثار الخروج من بيته على المهاجرة فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ الوقوع والوجوب متقاربان والمعنى ثبت اجره عند الله ثبوت الأمر الواجب وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً مبالغا فى المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي من جملتها القعود عن الهجرة الى وقت الخروج رَحِيماً مبالغا فى الرحمة فيرحمه بإكمال ثواب هجرته- روى- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث بالآيات المحذرة عن ترك الهجرة الى مسلمى مكة. قال جندب بن ضمرة من بنى الليث لبنيه وكان شيخا كبيرا لا يستطيع ان يركب الراحلة

احملوني فانى لست من المستضعفين وانى لأهتدى الطريق ولى من المال ما يبلغنى المدينة وابعد منها والله لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها الى المدينة فلما بلغ التنعيم وهو موضع قريب من مكة اشرف على الموت فاخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فلما بلغ خبره اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لو توفى بالمدينة لكان أتم اجرا وقال المشركون وهم يضحكون ما أدرك هذا ما طلب فانزل الله هذه الآية فمن هذا قالوا المؤمن إذا قصد طاعة ثم أعجزه العذر عن إتمامها كتب الله له ثواب تمام تلك الطاعة. وفى الكشاف قالوا كل هجرة لغرض دينى من طلب علم او حج او جهاد او فرار الى بلد يزداد فيه طاعة او قناعة وزهدا فى الدنيا او ابتغاء رزق طيب فهى هجرة الى الله ورسوله وان أدركه الموت فى طريقه فاجره واقع على الله انتهى. قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى قدس سره من مات قبل الكمال فمراده يجيئ اليه كما ان من مات فى طريق الكعبة يكتب له اجر حجين. يقول الفقير سمى الذبيح المتخلص بحقي سمعت مرة شيخى العارف العلامة أبقاه الله بالسلامة وهو يقول عند تفسير هذه الآية ان الطالب الصادق إذا سافر من ارض بشريته الى مقام القلب فمات قبل ان يصل الى مراده فله نصيب من اجر البالغين الى ذلك المقام لصدق طلبه وعدم انقطاعه عن الطريق الى حد الموت بل الله يكمله فى عالم البرزخ بوساطة روح من ارواحه او بوساطة فيضه. ومثل هذا جاء فى حق بعض السلاك وله نظير فى الشريعة كما روى عن الحسن البصري رحمه الله انه قال بلغني ان المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن امر حفظته ان يعلموه القرآن فى قبره حتى يبعثه الله تعالى يوم القيامة مع اهله فاذا كان طالب القرآن الرسمى بالغا الى مراده وانّ فى البرزخ لحرصه على التحصيل فليس ببدع ان يكون طالب القرآن الحقيقي وأصلا الى مرامه فى عالم المثال المقيد لشغفه على التكميل. أقول واما ما قال الشيخ الكبير صدر الدين القنوى قدس سره فى الفلك الآخر من الفلوك من المتفق شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان

<<  <  ج: ص:  >  >>