للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاخرى ركعة كما فى الآية ثم جاءت الطائفة الاولى وذهبت هذه الى العدو حتى قضت الاولى الركعة الاخرى بلا قراءة وسلموا ثم جاءت الطائفة الاخرى وقضوا الركعة الاولى بقراءة حتى صار لكل طائفة ركعتان هذا إذا كان مسافرا او فى الفجر لان الركعة الواحدة شطر صلاته واما إذا كان مقيما او فى المغرب فيصلى بالطائفة الاولى الركعتين لانهما الشطر. وفى الكافي لو اخطأ الامام فصلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين اى فى المغرب فسدت صلاة الطائفتين. وتفصيل كيفية الصلاة عند الخوف من عدو او سبع كفى مؤونته باب الصلاة الخوف فى الفروع فارجع اليه وَلْيَأْخُذُوا اى هذه الطائفة حِذْرَهُمْ وهو التحذر والتيقظ وَأَسْلِحَتَهُمْ.

ان قلت الحذر من قبيل المعاني فكيف يتعلق الاخذ الذي لا يتعلق الا بما هو من قبيل الأعيان كالسلاح. قلت انه من قبيل الاستعارة بالكناية فانه شبه الحذر بآلة يستعملها الغازي وجعل تعلق الاخذ به دليلا على هذا التشبيه المضمر فى النفس فيكون استعارة تخييلية ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز من حيث ان اسناد الاخذ الى الاسلحة حقيقة والى الحذر مجاز وذلك لان الاخذ على حقيقته وانما المجاز إيقاعه فافهم ولعل زيادة الأمر بالحذر فى هذه المرة كونها مظنة لوقوف الكفرة على كون الطائفة القائمة مع النبي عليه السلام فى شغل شاغل واما قبلها فربما يظنونهم قائمين للحرب وتكليف كل من الطائفتين بأخذ الحذر والاسلحة لما ان الاشتغال بالصلاة مظنة لالقاء السلاح والاعراض عن ذكرها ومئنة لهجوم العدو كما ينطق به ما بعد الآية. قال الامام الواحدي فى قوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ رخصة للخائف فى الصلاة لان يجعل بعض فكره فى غير الصلاة وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً الخطاب للفريقين بطريق الالتفات اى تمنوا ان ينالوا منكم غرة وينتهزوا فرصة فيشدوا عليكم شدة واحدة والمراد بالامتعة ما يتمتع به فى الحرب لا مطلقا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ رخصة لهم فى وضع الاسلحة ان ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلهم من مطر او يضعفهم من مرض وهذا يؤيد ان الأمر بالأخذ للوجوب دون الاستحباب. وقال الفقهاء حمل السلاح فى صلاة الخوف مستحب لان الحمل ليس من اعمال الصلاة والأمر فى قوله تعالى وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ محمول على الندب وَخُذُوا حِذْرَكُمْ أمرهم مع ذلك بأخذ الحذر اى بالتيقظ والاحتياط لئلا يهجم عليهم العدو غيلة. قال ابن عباس رضى الله عنهما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم محاربا ببني انمار فهزمهم الله تعالى فنزل النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمون ولا يرون من العدو أحدا فوضعوا أسلحتهم وخرج رسول الله يمشى لحاجة له وقد وضع سلاحه حتى قطع الوادي والسماء ترش فحال الوادي بينه عليه السلام وبين أصحابه فجلس فى اصل شجرة فبصر به غورث بن الحارث المحاربي فانحدر من الجبل ومعه السيف وقال لاصحابه قتلنى الله ان لم اقتل محمدا فلم يشعر رسول الله الا وهو قائم على رأسه وقد سل سيفه من غمده فقال يا محمد من يعصمك منى الآن فقال عليه السلام (الله عز وجل) ثم قال (اللهم اكفنى غورث ابن الحارث بما شئت) ثم أهوى بالسيف الى رسول الله ليضربه فانكب على وجهه من زلخة

<<  <  ج: ص:  >  >>