للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التامة ومن ذلك الفضل العظيم عصمته وتعليمه ما لم يعلم. قال الحدادي فى تفسيره وفى هذه الآيات دلالة انه لا يجوز لاحد ان يخاصم لغيره فى اثبات حق او نفيه وهو غير عالم بحقيقة امره وانه لا يجوز للحاكم الميل الى أحد الخصمين وان كان أحدهما مسلما والآخر كافرا وان وجود السرقة فى يدى انسان لا يوجب الحكم بها عليه انتهى. واعلم ان هذه الآية جامعة لفضائل كثيرة. منها بيان ان وبال الشر يعود على صاحبه كما ان منفعة الخير تعود على فاعله: قال الصائب

أول بظالمان اثر ظلم ميرسد ... پيش از هدف هميشه كمان ناله ميكند

- حكى- ان الله تعالى ايبس يد رجل بذبح عجل بقرة بين يدى امه ثم ردها برد فرخ سقط من وكره الى امه يقال ثلاثة لا يفلحون بائع البشر وقاطع الشجر وذابح البقر- وحكى- ان امرأة وضعت لقمة فى فم سائل ثم ذهبت الى مزرعة فوضعت ولدها فى موضع فاخذه الذئب فقالت يا رب ولدي فاخذ آت عنق الذئب واستخرج ولدها من غير أذى ثم قال هذه اللقمة لتلك اللقمة التي وضعتها فى فم السائل فكل يرى اثر صنعه فى الدنيا ايضا. ومنها ان العلم والحكمة من أعظم الفضائل والمراد العلم النافع المقرب الى الله تعالى أعاذنا الله مما لم ينفع منه على ما قال عليه الصلاة والسلام فى دعائه (وأعوذ بك من علم لا ينفع) فان العلم النافع لا ينقطع مدده فى الآخرة ايضا على ما روى مسلم عن ابى هريرة رضى الله عنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. ومنها ان لا يرى العبد الفضائل والخيرات من نفسه بل من فضل الله ورحمته وليس للعبد ان يزكى نفسه فان الأنفس ليست بمحل التزكية فمن استحسن من نفسه شيأ فقط أسقط من باطنه أنوار اليقين والكامل لا يرى لنفسه قدرا فكيف لعمله وكل ما يعمله العبد من بدايته الى نهايته لا يقابل لنعمة الوجود- حكى- عن شاه شعاع الكرماني انه كان جالسا فى مسجد فقام فقير وسأل الناس فلم يعطوه شيأ فقال الكرماني من يشترى حج خمسين سنة بمن من الخبر. فيعطى هذا الفقير وكان هناك فقيه فقال ايها الشيخ قد استحففت بالشريعة فقال الكرماني لا ارى لنفسى قيمة فكيف ارى لعملى وليس المراد التعطيل عن العمل بل يعملون جميع الحسنات ولا يرون لها قدرا بل يرون التوفيق لها من فضل الله تعالى: قال السعدي قدس سره

كراز حق توفيق خيرى رسد ... كه از بنده خيرى بغيري رسد

چورويى بخدمت نهى بر زمين ... خدا را ثنا گوى وخود را مبين

والاشارة فى الآية ان فضل الله موهبة من مواهب الحق يؤتيه من يشاء وليس لأحد فيه مدخل بالكسب والاستجلاب وبذلك يهدى العبد للايمان ويوفقه للعمل الصالح والعظيم فى قوله وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

هو الله تعالى اى ان الله العظيم هو فضل الله عليك ورحمته كما انك فضل الله ورحمته على العالمين ولهذا قال (لولاك لما خلقت الافلاك) ومن فضل الله عليه انه لم يضله شىء من الروحانيات والجسمانيات عن طريق الوصول اللهم احفظنا من الموانع فى طريق الوصول إليك آفاقية او انفسية والحقنا بفضلك بالنفوس القدسية

<<  <  ج: ص:  >  >>