للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم ان جميع الأعمال الصالحة يزيد فى نور الايمان فعليك بالطاعات والحسنات والوصول الى المعارف الالهية فان العلم بالله أفضل الأعمال ولذلك لما قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال (العلم بالله) فقيل الأعمال نريد قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) وذلك انما يحصل بتصفية الباطن مع صيقل التوحيد وانواع الاذكار ولا يعقلها الا العالمون. والاشارة لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ يعنى بامانى عوام الخلق الذين يذنبون ولا يتوبون ويطمعون ان يغفر الله لهم والله تعالى يقول وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ يعنى العلماء السوء الذين يغرون الخلق بالرجاء المذموم ويقطعون عليهم طريق الطلب والجد والاجتهاد مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فى الحال بإظهار الرين على مرآة قلبه بعد الذنب كما قال عليه السلام (إذا أذنب عبد ذنبا نكت فى قلبه نكتة سوداء فان تاب ورجع منه صقل) وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا يخرجه من ظلمات المعصية الى نور الطاعة بالتوبة وَلا نَصِيراً سوى الله ينصره بالظفر على النفس الامارة فيزكيها عن صفاتها وعلى الشيطان فيدفع شره وكيده وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ اى الخالصات مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى يشير بالذكر الى القلب وبالأنثى الى النفس وَهُوَ مُؤْمِنٌ مخلص فى تلك الأعمال فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ المعنى ان القلب إذا عمل بما وجب عليه من التوجه الى العالم العلوي والاعراض عن العالم السفلى وغض البصر عن سوى الحق يستوجب دخول جنة القربة والوصلة والنفس إذا عملت بما وجب عليها من الانتهاء عن هواها وترك حظوظها وأداء حقوق الله تعالى فى العبودية واطمأنت بها تستحق الرجوع الى ربها والدخول فى جنة عالم الأرواح كما قال تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً فيما قدر لهم الله من الأعمال الصالحات ولا من الدرجات والقربات فليس من تمنى نعمته من غير ان يتعنى فى خدمته كمن تعنى فى خدمته من غير ان يتمنى نعمته وان بينهما بونا بعيدا من أعلى مراتب القرب الى أسفل سافلين البعد كذا فى التأويلات النجمية وَمَنْ استفهام إنكاري أَحْسَنُ دِيناً الدين والملة متحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار فان الشريعة من حيث انها يطاع لها دين ومن حيث انها تملى وتكتب ملة والإملال بمعنى الاملاء مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ اى جعل نفسه وذاته سالمة خالصة لله تعالى بان لم يجعل لا حد حقا فيها لامن جهة الخالقية والمالكية ولا من جهة العبودية والتعظيم. وقوله دينا نصب على التمييز من احسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن دينه احسن من دين من اسلم إلخ فالتفضيل فى الحقيقة جاربين الدينين لا بين صاحبيهما وَهُوَ مُحْسِنٌ الجملة حال من فاعل اسلم اى والحال انه آت بالحسنات تارك للسيآت وقد فسره النبي عليه السلام بقوله (ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك) والإحسان حقيقة الايمان. واعلم ان دين الإسلام مبنى على أمرين الاعتقاد والعمل فالله سبحانه أشار الى الاول بقوله أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ والى الثاني بقوله وَهُوَ مُحْسِنٌ اى فى الانقياد لربه بان يكون آتيا بجميع ما كلفه به على وجه الإجلال والخشوع وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الموافقة لذين الإسلام المتفق على

<<  <  ج: ص:  >  >>