للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعضهم كما قالت اليهود نؤمن بموسى والتوراة وعزير ونكفر بما وراء ذلك وما ذلك الا كفر بالله تعالى ورسله وتفريق بين الله ورسله فى الايمان لانه تعالى قد أمرهم بالايمان بجميع الأنبياء وما من نبى من الأنبياء الا وقد اخبر قومه بحقية دين نبينا صلى الله عليه وسلم فمن كفر بواحد منهم كفر بالكل وبالله تعالى ايضا من حيث لا يحتسب وَيُرِيدُونَ بقولهم ذلك أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا اى طريقا وسطا بين الايمان والكفر ولا واسطة بينهما قطعا إذا لحق لا يختلف فان الايمان بالله انما يتم بالايمان برسله وتصديقهم فيما بلغوا عنه تفصيلا واجمالا فالكافر ببعض كالكافر بالكل فى الضلال كما قال فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ أُولئِكَ الموصوفون بالصفات القبيحة هُمُ الْكافِرُونَ اى الكاملون فى الكفر لا عبرة بما يدعونه ويسمونه ايمانا أصلا حَقًّا مصدر مؤكد لمضمون الجملة اى حق ذلك اى كونهم كاملين فى الكفر حقا او صفة لمصدر الكافرون اى هم الذين كفروا كفرا حقا اى يقينا محققا لا شك فيه وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً سيذوقونه عند حلوله ويهانون فيه ثم انه تعالى لما ذكر وعيد الكفار اتبعه بذكر وعد المؤمنين فقال وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بان يؤمنوا ببعضهم ويكفروا بآخرين كما فعله الكفرة وانما دخل بين على أحد وهو يقتضى متعددا لعمومه من حيث انه وقع فى سياق النفي فهو بمنزلة ولم يفرقوا بين اثنين او بين جماعة أُولئِكَ المنعوتون بالنعوت الجليلة المذكورة سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ اى الله تعالى أُجُورَهُمْ الموعودة لهم وسمى الثواب اجرا لان المستحق كالاجرة وسوف لتأكيد الوعد اى الموعود الذي هو الإيتاء والدلالة على انه كائن لا محالة وان تأخر وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما فرط منهم رَحِيماً مبالغا فى الرحمة عليهم بتضعيف حسناتهم. والآية الاولى تدل على ان الايمان لا يحصل بزعم المرء وحسبانه انه مؤمن وانما يحصل بحصول شرائطه ونتائجه منه فمن نتائجه ما ذكر فى الآية الثانية من عدم التفريق بين الرسل ومن نتائجه القبول من الله والجزاء عليه فمن اخطأه النور عند الرش على الأرواح فقد كفر كفرا حقيقيا ولذلك سماهم الله فى الكفر حقا ومن أصابه النور عند ذلك فقد آمن ايمانا حقيقيا ولذلك لا ينفع الاول توسط الايمان كما لا يضر الثاني توسط العصيان: قال السعدي قدس سره

قضا گشتى آنجا كه خواهد برد ... وگر ناخدا جامه بر تن درد

- يحكى- انه كان شاب حسن الوجه وله احباب وكانوا فى الاكل والشرب والتنعم والتلذذ فنفدت دراهمهم فاجتمعوا يوما واجمعوا على ان يقطعوا الطريق فخرجوا الى طريق وترقبوا القافلة فلم يمر أحد من هذا الطريق الى ثلاثة ايام ورأى الشاب شيخا قال له يا ولدي ليس هذا صنعتك فاستغفر الله تعالى فان طلبتنى فانا اقرأ القرآن فى جامع السيد البخاري ببروسة فاحترق قلب الشاب من تأثير الكلام فقال لرفقائه لوتبعتم رأيى تعالوا نروح الى بروسة ونتجسس عن بعض التجار فنخرج خلفهم فنأخذ أموالهم فقبلوا قوله فلما جاؤا الى بروسة قال لهم تعالوا نصل فى جامع السيد البخاري وندع عنده ليحصل مرادنا فلما جاء الى الجامع ورأى الشيخ هناك يقرأ القرآن سقط على رجله وتاب وبقي عنده سنتين ثم بعد السنتين أرسله هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>