للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدم ذكر عيسى على من بعده لان الواو للجمع دون الترتيب فتقدم ذكره فى الآية لا يوجب تقديمه فى الخلق والإرسال والفائدة فى تقديمه فى الذكر رد على اليهود لغلوهم فى الطعن فيه وفى نسبه فقدمه الله فى الذكر لان ذلك ابلغ فى كتب اليهود فى تبرئته مما رمى به ونسب اليه وَآتَيْنا اى كما آتينا داوُدَ زَبُوراً فالجملة عطف على أوحينا داخلة فى حكمه لان إيتاء الزبور من باب الإيحاء. والزبور هو الكتاب مأخوذ من الزبر وهو الكتابة. قال القرطبي كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم من الاحكام وانما هى حكم ومواعظ وتحميد وتمجيد وثناء على الله عز وجل وكان داود يبرز الى البرية ويقرأ الزبور فيقوم معه علماء بنى إسرائيل خلفه ويقوم الناس خلف العلماء ويقوم الجن خلف الناس وتجيئ الدواب التي فى الجبال إذا سمعت صوت داود فيقمن بين يديه تعجبا لما يسمعن من صوته ويجيئ الطير حتى يظللن على داود فى خلائق لا يحصيهن الا الله يرفرفن على رأسه وتجيئ السباع حتى تحيط بالدواب والوحش لما يسمعن فلما قارف الذنب وهو تزوج امرأة أوريا من غير انتظار الوحى بجبرائيل ولم يروا ذلك فقيل ذلك انس الطاعة وهذه وحشة المعصية وعن ابى موسى الأشعري قال قال لى رسول الله (لو رأيتنى البارحة وانا استمع لقراءتك لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود) قال فقلت اما والله يا رسول الله لو علمت انك تسمع لحبرته تحبيرا. وعن ابى عثمان قال ما سمعت قط بربطا ولا مزمارا ولا عودا احسن من صوت ابى موسى وكان يؤمنا فى صلاة الغداة فنودّ انه يقرأ سورة البقرة من حسن صوته:

قال السعدي قدس سره

به از روى زيباست آواز خوش ... كه آن حظ نفس است واين قوت روح

وعند هبوب الناشرات على الحمى ... تميل غصون البان لا الحجر الصلد

وَرُسُلًا نصب بمضمر يدل عليه أوحينا معطوف عليه داخل معه فى حكم التشبيه كما قيل اى وكما أرسلنا رسلا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ اى سميناهم لك مِنْ قَبْلُ متعلق بقصصنا اى من قبل هذه السورة او اليوم وعرفناك قصتهم فعرفتهم وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ اى لم نسمهم لك والرسل هم الذين اوحى إليهم بجبريل والأنبياء هم الذين لم يوح إليهم بجبريل وانما اوحى إليهم بملك آخر أو برؤيا فى المنام او بشىء آخر من الإلهام. وعن ابى ذرّ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله كم كانت الأنبياء وكم كان المرسلون قال (كانت الأنبياء مائة الف واربعة وعشرين الفا وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثه عشر) وفى رواية سئل عن عدد الأنبياء فقال (مائتا الف واربعة وعشرون الفا) والاولى ان لا يقتصر على عدد فى التسمية لهذه الآية وخبر الواحد لا يفيد الا الظن ولا عبرة بالظن فى الاعتقاديات وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً عطف على انا أوحينا إليك عطف القصة على القصة وتأكيد كلم بالمصدر يدل على انه عليه السلام سمع كلام الله حقيقة لا كما يقوله القدرية من ان الله تعالى خلق كلاما فى محل فسمع موسى ذلك الكلام لان ذلك لا يكون كلام الله القائم به والافعال المجازية لا تؤكد بذكر المصادر لا يقال أراد الحائط ان يسقط ارادة. قال الفراء العرب تسمى ما وصل الى الإنسان كلاما

<<  <  ج: ص:  >  >>