للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تترى وتجديد العهد مرة بعد اخرى وثم للتراخى فى الرتبة والاستبعاد فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ فى القتل غير مبالين به والإسراف فى كل امر التباعد عن حد الاعتدال مع عدم مبالاة به. قوله بعد ذلك وقوله فى الأرض يتعلقان بقوله لمسرفون وهو خبر انّ وبهذا اى بقوله تعالى وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا اتصلت القصة بما قبلها. وفى التأويلات النجمية اعلم ان كل شىء ترى فيه آية من الله تعالى فهو فى الحقيقة رسول من الله إليك ومعه آية بينة ومعجزة ظاهرة يدعوك بها الى الله ثم ان كثيرا من الذين شاهدوا الآيات وتحققوا البينات بعد رؤية الآيات فى الأرض لمسرفون اى فى ارض البشرية مجاوزون حد الشريعة والطريقة بمخالفة أوامر الله ونواهيه انتهى. واعلم ان اهل الغفلة يشاهدون الآثار لكنهم غافلون عن الحقيقة فهم كأنهم لا بصر لهم بل غيرة الحق تمنعهم من الرؤية الصحيحة لكونهم أغيارا غير لائقين بالدخول فى المجلس الخاص: قال الحافظ

معشوق عيان ميكذرد بر تو وليكن ... اغيار همى بيند از آن بسته نقابست

وكل ذرة من ذرات الكائنات وان كانت قائمة بالحق وبنوره فى الحقيقة الا ان الدنيا خيال يحتاج السالك الى العبور عن مسالكه الى ان ينتهى الى الحق: وفى المثنوى

اين جهانرا كه بصورت قائمست ... كفت پيغمبر كه حلم نائمست

از ره تقليد تو كردى قبول ... سالكان اين ديده پيدا بي رسول

روز در خوابى مگو كين خواب نيست ... سايه فرعست اصل جز مهتاب نيست

خواب بيداريت آن دان اى عضد ... كه نبيند خفته كو در خواب شد

او كمان برده كه اين دم خفته أم ... بي خبر زان كوست در خواب دوم

وهذه اى اليقظة من المنام على الحقيقة لا تتيسر الا لارباب المكاشفة الصحيحة واصحاب المشاهدة الواضحة اللهم أفض علينا من هذا المقام إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اى يحاربون أولياءهما وهم المسلمون جعل محاربتهم محاربتهما تعظيما لهم والمراد بالمحاربة قطع الطريق وهو انما يكون من قوم اجتمعوا فى الصحراء وتعرضوا الدماء المسلمين وأموالهم وأزواجهم وامائهم ولهم قوة وشوكة تمنعهم ممن أرادهم وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً حال من فاعل يسعون اى مفسدين. نزلت فى قوم هلال بن عويمر الأسلمي وكان وادعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان لا يعينه ولا يعين عليه ومن أتاه من المسلمين فهو آمن لا يهاج ومن مر بهلال الى رسول الله فهو آمن لا يهاج فمر قوم من بنى كنانة يريدون الإسلام بناس من قوم هلال ولم يكن هلال يومئذ حاضرا فقطعوا عليهم وقتلوهم وأخذوا أموالهم.

فان قلت بنفس ارادة الإسلام لا يخرج الشخص عن كونه حربيا والحد لا يجب بقطع الطريق عليه وان كان مستأمنا. قلت معناه يريدون تعلم احكام الإسلام فانهم كانوا مسلمين او يقال جاؤا على قصد الإسلام فهم بمنزلة اهل الذمة والحد واجب بالقطع على اهل الذمة ولما كانت المحاربة والفساد على مراتب متفاوتة ووجوه شتى من القتل بدون أخذ المال ومن القتل مع اخذه ومن اخذه بدون قتل ومن الاخافة بدون قتل وأخذ شرعت لكل مرتبة من نلك المراتب عقوبة معينة بطريق التوزيع فقيل أَنْ يُقَتَّلُوا اى حدا من غير صلب ان افردوا القتل

<<  <  ج: ص:  >  >>