للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحن والأمراض زيادة لهم فى درجاتهم وان لم تكن توبته حقيقة كان الحد عقوبة له على ذنبه وهو مؤاخذ فى الآخرة ان لم يتب إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ مبالغ فى المغفرة والرحمة ولذلك يقبل التوبة أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد به الجميع والاستفهام الإنكاري لتقرير العلم والمراد بذلك الاستشهاد على قدرته تعالى على ما سيأتى من التعذيب والمغفرة على ابلغ وجه وأتمه اى ألم تعلم ان الله له السلطان القادر والاستيلاء الباهر المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهما وفيما فيهما إيجادا واعداما واحياء واماتة الى غير ذلك حسبما تقتضيه مشيئته يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ان يعذبه ولو على الذنب الصغير وهو عدل منه وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ ان يغفر له ولو كان الذنب عظيما وهو الفضل منه اى يعذب لمن توجب الحكمة تعذيبه ويغفر لمن توجب الحكمة مغفرته وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقدر على ما ذكر من التعذيب والمغفرة. قال ابن الشيخ انه تعالى لما أوجب قطع يد السارق وعقاب الآخرة لمن مات قبل التوبة ثم ذكر انه يقبل توبته ان تاب اردفه ببيان انه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فيعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء يحسن منه التعذيب تارة والمغفرة اخرى لانه مالك جميع المحدثات وربهم وإلههم والمالك له ان يتصرف فى ملكه كيف شاء وأراد لا كما زعمت المعتزلة من ان حسن أفعاله تعالى ليس لاجل كونه الها للخلق ومالكا بل لاجل كونها على وفق مصالح الخلق ومتضمنة لرعاية ما هو الأصلح لهم انتهى. واعلم ان السرقة هى أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة من حرز لا ملك له فيه ولا شبهته فاحترز بالمكلف عن أخذ صبى ومجنون وبالخفية وهو ركن السرقة عن الغصب وقطع الطريق. وقوله قدر عشرة دراهم اى عينا او قيمة وهذا نصباب السرقة فى حق القطع واما فى حق العيب فاخذ ما دون العشرة يعد سرقة ايضا شرعا ويعد عيبا حتى يرد العبد به على بائعه وعند الشافعي نصاب السرقة ربع دينار ولنا قوله عليه السلام (لا قطع الا فى ربع دينار او فى عشرة دراهم) والاخذ بالأكثر اولى احتيالا لدرء الحد والمعتبر فى هذه الدراهم ما يكون عشرة منها وزن سبعة مثاقيل واحترز بالمضروبة عما قيمته دونها حتى إذا سرق تبرا عشرة لا يساوى عشرة مضروبة لا يجب القطع وقوله من حرز اى من مال ممنوع من ان يصل اليه يد الغير سواء كان المانع بناء او حافظا. قال البغوي إذا سرق شيأ من غير حرز كثمر فى حائط لا حارس له او حيوان فى برية لا حافظ له او متاع فى بيت منقطع عن البيوت لا قطع عليه وقيد بقوله ولا شبهته لانه لو كان له شبهة فى المسروق كما إذا سرق من بيت المال او فى الحرز كما إذا سرق من بيت اذن للناس بالدخول فيه كالحمام والرباط لا يقطع لان القطع يندرئ بالشبهة وكذا لا قطع بسرقة مال سيده لوجود الاذن بالدخول عادة وكذا بسرقة مال زوجته او زوجها ولو من حرز خاص لآخر لا يسكنان فيه لان اليد المبسوطة لكل من الزوجين فى مال الآخر ثابتة وهو مانع عن القطع وكذا لا قطع بسرقة مال من بينهما قرابة ولاء لجريان الانبساط بين الأصول والفروع بالانتفاع فى المال والدخول فى الحرز ولا بسرقة من بيت ذى رحم محرم

<<  <  ج: ص:  >  >>