للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان المسروق مال غيره لعدم الحرز ويقطع يمين السارق من زنده وهو مفصل الذراع فى الكف ويحسم بان يدخل فى الدهن الحار بعد القطع لقطع الدم لانه لو لم يحسم لا فضى الى التلف والحد زاجر لا متلف ولهذا لا يقطع فى الحر الشديد والبرد الشديد وان سرق ثانيا بعد ما قطعت يده اليمنى تقطع رجله اليسرى من المفصل وان سرق ثالثا لا يقطع بل يحبس حتى يتوب ويظهر عليه سيما الصالحين والتائبين لقول على رضى الله عنه فيمن سرق ثلاث مرات انى لا ستحيى من الله ان لا ادع له يدا يأكل بها ويستنجى ورجلا يمشى عليها وفى الحديث (اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله) وفيه دليل

على ان التوبة يعلم اثرها وتثبت السرقة بما يثبت به شرب الخمر أي بالشهادة او بالإقرار مرة ونصابها رجلان لان شهادة النساء غير مقبولة فى الحدود وطلب المسروق منه شرط القطع لان الخيانة على ملك الغير لا تظهر الا بخصومته ولا فرق فى القطع بين الشريف والوضيع. وعن عائشة رضى الله عنها قالت سرقت امرأة مخزومية فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يقطع يدها فاستشفع لها اسامة بن زيد وكان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه فلم يقبل وقال (يا اسامة أتشفع فى حد من حدود الله انما أهلك الذين قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا شرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وفى الحديث نهى عن الشفاعة فى الحدود بعد بلوغ الامام ولهذا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعة اسامة واما قبله فالشفاعة من المجنى عليه جائزة والستر على الذنب مندوب إذا لم يكن صاحب شر وأذى: قال السعدي

پس پرده بيند عملهاى بد: ... هم او پرده پوشد ببالاى خود

وفى الحديث ايضا دلالة على وجوب العدل فى الرعية واجراء الحكم على السوية. قال الامام ابو منصور فان قيل ما الحكمة فى قطع يد قيمتها ألوف بسرقة عشرة دراهم فكيف يكون قطعها جزاء لفعل السارق وقد قال تعالى وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها قلنا جزاء الدنيا محنة يمتحن بها المرء ولله تعالى ان يمتحن بما شاء ابتداء اى من غير ان يكون ذلك جزاء على كسب العبد ولان القطع ليس بجزاء ما أخذ من المال ولكن لما هتك من الحرمة ألا يرى انه قال جزاء بما كسبا فيجوز ان يبلغ جزاء هتك تلك الحرمة قطع اليد وان قصر على العشرة علم ذلك لان مقادير العقوبات انما يعلمها من يعلم مقادير الجنايات وإذا كان الأمر كذلك فالحق التسليم والانقياد انتهى. ونعم ما قال يونس بن عبيد فى باب الترهيب لا تأمن من قطع فى خمسة دراهم خير عضو منك ان يكون عذابه هكذا غدا كما فى منهاج العابدين. فعلى العاقل ان يتوب عن الزلل وينقطع عن الحيل ويتوجه الى الله الأعلى الاجل: وفى المثنوى

حيلها و چارها گر اژدهاست ... پيش الا الله آنها جمله لاست «١»

قفل زفتست وكشانيده خدا ... دست در تسليم زن اندر رضا «٢»

ثم ان الله تعالى انما بدأ بالسارق فى هذه الآية قبل السارقة وفى آية الزنى بدأ بالزانية لان السرقة تفعل بالقوة والرجل أقوى من المرأة والزنى يفعل بالشهوة والمرأة اكثر شهوة


(١) در أوائل دفتر سوم در بيان باز وحي آمدن بمادر موسى إلخ
(٢) در اواخر دفتر سوم در بيان حكايت امير وغلامش نماز باره بود إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>