للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيون أعظم من الإسلام فكيف يمدح نبى بانه رجل مسلم وما الوصف به بعد الوصف بالنبوة الا تنزل من الأعلى الى الأدنى. قلت قد يذكر الوصف مدحا للوصف ففائدة التوصيف تنويه شأن الصفة والتنبيه على عظم قدرها حيث وصف بها عظيم كما وصف الأنبياء بالصلاح والملائكة بالايمان وقد قيل أوصاف الاشراف اشراف الأوصاف: قال

ما ان مدحت محمدا بمقالتي ... لكن مدحت مقالتى بمحمد

لِلَّذِينَ هادُوا متعلق بيحكم اى يحكمون فيما بينهم واللام لبيان اختصاص الحكم بهم أعم من ان يكون لهم او عليهم كانه قيل لاجل الذين هادوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عطف على النبيون اى هم ايضا يحكمون باحكامها وهم الزهاد والعلماء من ولد هارون الذين التزموا طريقة النبيين وجانبوا دين اليهود بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ اى بالذي استحفظوه من جهة النبيين وهو التوراة حيث سألوهم ان يحفظوها من التضييع والتحريف على الإطلاق ولا ريب فى ان ذلك منهم عليهم السلام استخلاف لهم فى اجراء أحكامها من غير إخلال بشىء منها والباء سببية متعلقة بيحكم اى ويحكم الربانيون والأحبار ايضا بسبب ما حفظوه من كتاب الله حسبما وصاهم به انبياؤهم وسألوهم ان يحفظوه وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ اى رقباء لا يتركونهم ان يغيروا فهو من الشهود بمعنى الحضور فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ كائنا من كان ايها الرؤساء والأحبار واقتدوا فى مراعاة أحكامها وحفظها بمن قبلكم من الأنبياء وأشياعهم وَاخْشَوْنِ فى الإخلال بحقوق مراعاتها فكيف بالتعرض لها بسوء نهوا ان يخشوا غير الله فى حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم او مراقبة كبير ودلالة الآية تتناول حكام المسلمين وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي الاشتراء استبدال السلعة بالثمن اى أخذها بدلا منه ثم استعير لاخذ شىء بدلا مما كان له عينا كان او معنى أخذا منوطا بالرغبة فيما أخذ والاعراض عما اعطى ونبذ اى لا تستبدلوا بآياتى التي فيها بان تخرجوها منها او تتركوا العمل بها وتأخذوا لانفسكم بدلا منها ثَمَناً قَلِيلًا من الرشوة والجاه وسائر الحظوظ الدنيوية فانها وان جلت قليلة مسترذلة فى نفسها لا سيما بالنسبة الى ما فات عنهم بترك العمل بها

آن جهان جيفه است ومردار ورخيص ... بر چنين مردار چون باشم حريص «١»

پس حيات ماست موقوف فطام ... اندك اندك جهد كن تم الكلام «٢»

ولما كان الاقدام على التحريف لدفع ضرر كما إذا خشى من ذى سلطان او لجلب نفع كما إذا طمع فى الحظوظ الدنيوية نهوا عن كل منهما صريحا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مستهينا به منكرا له كائنا من كان كما يقتضيه ما فعلوه من التحريف فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ لاستهانتهم به وتمردهم بان حكموا بغيره ولذلك وصفهم بقوله الظالمون والفاسقون فكفرهم بانكاره وظلمهم بالحكم على خلافه وفسقهم بالخروج عنه وَكَتَبْنا فرضنا عطف على أنزلنا التوراة عَلَيْهِمْ اى على الذين هادوا فِيها اى فى التوراة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ اى تقادبها إذا قتلها بغير حق وَالْعَيْنَ تفقأ بِالْعَيْنِ إذا فقئت بغير حق وَالْأَنْفَ تجذم بِالْأَنْفِ المقطوعة بغير حق وَالْأُذُنَ تصلم


(١) لم أجد
(٢) در ديباجه دفتر دوم

<<  <  ج: ص:  >  >>