للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نية التأخير للدلالة على ان الصابئين مع كونهم أشد الفرق المذكورين فى هذه الآية ضلالا إذا قبل توبتهم وغفر ذنوبهم على تقدير الايمان الصحيح والعمل الصالح فقبول توبة باقى الفرق اولى واخرى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اى من أحدث من هذه الطوائف ايمانا خالصا بالمبدأ والمعاد وَعَمِلَ صالِحاً حسبما يقتضيه الايمان بهما. قوله من فى محل الرفع بالابتداء وخبره فلا خوف إلخ والجملة خبر ان فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حين يخاف الكفار العقاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان دوام انتفائهما لا بيان انتفاء دوامهما. قال الحدادي فى تفسيره اما نفى الحزن عن المؤمنين هاهنا فقد ذهب بعض المفسرين الى انه لا يكون عليهم حزن فى الآخرة ولا خوف ونظيره قوله تعالى تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وقال بعضهم ان المؤمنين يخافون ويحزنون لقوله تعالى يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ

وقوله يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وقال صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة) فقالت عائشة واسوءتاه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (اما سمعت قول الله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه) قالوا وانما نفى الله تعالى فى هذه الآية الحزن عن المؤمنين لان حزنهم لما كان فى معرض الزوال ولم يكن له بقاء معهم لم يعتد بذلك انتهى: وفى المثنوى

هر كه ترسد مرو را ايمن كنند ... مر دل ترسنده را ساكن كنند

لا تخافوا هست نزل خائفان ... هست درخور از براى خائف آن

آنكه خوفش نيست چون گويى مترس ... درس چهـ دهى نيست او محتاج درس

واعلم ان اولياء الله لا خوف عليهم فيما لا يكون على شىء لانهم يقيمون القرآن عملا بالظاهر والباطن ولا هم يحزنون على ما يقاسون من شدائد الرياضات والمجاهدات ومخالفات النفس فى ترك الدنيا وقمع الهوى ولا على ما أصابهم من البلاء والمحن والمصيبات والآفات لانهم تخلصوا من التقليد وفازوا بالتحقيق وارتفع عنهم تعب التكاليف فهم مع الله فى جميع أحوالهم فعلى المؤمن معالجة مرضه القلبي من الأوصاف الرذيلة والتخلص من النفاق واللحاق باهل الاتفاق.

قال ابراهيم الخواص قدس سره دواء القلب خمسة. قراءة القرآن بالتدبر. وخلاء البطن. وقيام الليل والتضرع. الى الله عند السحر. ومجالسة الصالحين. قال حضرة الشيخ الشهير بالهدائي قدس سره ونحن نقول المصلح فى الحقيقة هو الله ولكن أشد الأشياء تأثيرا هو الذكر قال الله تعالى أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قال على رضى الله عنه [يأتى على الناس زمان لا يبقى من الإسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه يعمرون مساجدهم وهى خراب من ذكر الله شر اهل ذلك الزمان علماؤهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود] : قال السعدي

علم چند انكه بيشتر خوانى ... چون عمل در تو نيست نادانى

نه محقق بود نه دانشمند ... چارپايى برو كتابى چند

آن تهى مغز را چهـ علم وخبر ... كه بروهيز مست ويا دفتر

واعلم ان زبدة العلوم هى العلم بالله وما سواه فمن محسناته ومن علم فهو كامل فى نفسه الا ان العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>