للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشارة الى المفاسد الدنيوية اما العداوة فى الخمر فهى ان الشاربين إذا سكروا عربدوا وتشاجروا كما فعل الأنصاري الذي شج سعد بن ابى وقاص بلحى الجمل واما العداوة فى الميسر فهى ان الرجل كان يقامر على الأهل والمال ثم يبقى حزينا مسلوب الأهل والمال مغتاظا على حرفاته والفرق بين العداوة والبغضاء ان كل عدو مبغض بلا عكس كلى. وقوله تعالى فى الخمر متعلق بيوقع على ان تكون كلمة فى هنا لا فادة معنى السببية كما فى قوله عليه السلام (ان امرأة دخلت النار فى هرة) اى يوقع بينكم هذين الشيئين فى الخمر بسبب شربها وتخصيص الخمر والميسر تنبيها على انهما المقصودان بالبيان لان هذه الآية خطاب مع المؤمنين والمقصود نهيهم عن الخمر والميسر وانما ضم الأنصاب والأزلام إليهما مع ان تعاطيهما مختص باهل الجاهلية تأكيدا لقبح الخمر والميسر وإظهارا لكون هذه الاربعة متقاربة فى المفسدة وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ اى يمنعكم عنهما وهو اشارة الى المفاسد الدينية فان شرب الخمر يورث الطرب واللذة الجسمانية والنفس إذا استغرقت فى اللذة غفلت عن ذكر الله وعن الصلاة وكذا من يقامر بالميسر ان كان غالبا صار استغراقه فى لذة الغلبة يورثه الغفلة عن العبادة وان صار مغلوبا صار شدة اهتمامه بان يختال بحيلة يصير بها غالبا مانعا من ان يخطر بباله شىء سواه وتخصيص الصلاة بالإفراد مع دخولها فى الذكر للتعظيم والاشعار بان الصاد عنها كالصاد عن الايمان لما انها عماده فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ لفظه استفهام ومعناه امر اى انتهوا وهذا نهى بألطف الوجوه ليكون ادعى الى الانتهاء فلما سمعها عمر رضى الله عنه قال انتهينا يا رب وحرمت الخمر فى سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فيما امرا به وهو عطف على اجتنبوه وَاحْذَرُوا عما نهيا عنه فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ اى أعرضتم عن الامتثال والطاعة فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقد فعل ذلك بما لا مزيدة عليه وخرج عن عهدة الرسالة أي خروج وقامت عليكم الحجة انتهت الاعذار وانقطعت العلل وما بقي بعد ذلك الا العقاب اعلم ان الله تعالى قرن الخمر والميسر بالأصنام ففيه تحريم بليغ لهما ولعل قوله عليه السلام (شارب الخمر كعابد الوثن) مستفاد من هذه الآية وفى الحديث (من شرب الخمر فى الدنيا سقاه الله من سم الأساود وسم العقارب إذا شربه تساقط لحم وجهه فى الإناء قبل ان يشربها فاذا شربها تفسخ لحمه كالجيفة يتأذى به اهل الموقف ومن مات قبل ان يتوب من شرب الخمر كان حقا على الله ان يسقيه بكل جرعة شربها فى الدنيا شربة من صديد جهنم) وفى الحديث (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه وآكل ثمنها) وفى الحديث (من شرب الخمر بعد ان حرمها الله على لسانى فليس له ان يزوج إذا خطب ولا يصدق إذا حدث ولا يشفع إذا تشفع ولا يؤمن على امانة فمن ائتمنه على أمانته فاستهلكها فحق على الله ان لا يخلف عليه) : قال الحسين الواعظ الكاشفى فى تفسيره

بي نمكى دان جگر آميخته ... بر جگر بي نمكان ريخته

بي خبر آن مرد كه چيزى چشيد ... كش قلم بي خبرى در كشيد

<<  <  ج: ص:  >  >>