للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساعة او وقت نزول العذاب او نحوهما وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ من الملائكة حتى تكلفونى من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيق به البشر من الرقى الى السماء ونحوه او تعدوا عدم اتصافى بصفاتهم قادحا فى امرى كما ينبىء عنه قولهم مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ والمعنى انى لا ادعى شيأ من هذه الأشياء الثلاثة حتى تقترحوا علىّ ما هو من آثارها وأحكامها وتجعلوا عدم إجابتي الى ذلك دليلا على عدم صحة ما أدعية من الرسالة التي لا تعلق لها بشىء مما ذكر قطعا بل انما هى عبارة عن تلقى الوحى من جهته عز وجل والعمل بمقتضاه فحسب حسبما ينبىء عنه قوله تعالى إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ اى ما افعل الا اتباع ما يوحى الىّ من غير ان يكون لى مدخل ما فى الوحى او فى الموحى بطريق الاستدعاء او بوجه آخر من الوجوه أصلا والوحى ثلاثة. ما ثبت بلسان الملك والقرآن من هذا القبيل. وما تبت باشارة الملك من غير ان يبينه بالكلام واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ان روح القدس نفث فى روعى ان نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها) . والثالث ما تبدى لقلبه اى ظهر لقلبه بلا شبهة إلهاما من الله تعالى بان أراه الله بنور من عنده كما قال لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وابى الاشعرية واكثر المتكلمين ان يحكم عليه السلام بالاجتهاد كما تدل عليه الآية إذ ثبت بها انه لا يتبع الا الوحى والجواب انه جعل اجتهاده عليه السلام وحيا باعتبار المآل فان تقريره عليه السلام على اجتهاده يدل على انه هو الحق كما إذا ثبت بالوحى ابتداء قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ مثل للضال والمهتدى فانه عليه السلام لما وصف نفسه بكونه متبعا للوحى الإلهي لزم منه ان يصف نفسه بالاهتداء ويصف من عانده واستبعد دعواه بالضلال فالعمل بغير الوحى يجرى مجرى عمل الأعمى والعمل بمقتضى الوحى يجرى مجرى عمل البصير أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ اى ألا تسمعون هذا الكلام الحق فلا تتفكرون فيه فتهتدوا باتباع الوحى والعمل بمقتضاه فمناط التوبيخ عدم الامرين معا اى الاستماع والتفكر وَأَنْذِرْ بِهِ اى خوف من العذاب بما يوحى الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ اى يبعثوا ويجمعوا الى ربهم اى الى موضع لا يملك أحد فيه نفعهم ولا ضرهم الا الله تعالى. وقيل يخافون يعلمون لان خوفهم انما كان من علمهم لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ قريب ينفعهم وَلا شَفِيعٌ يشفع لهم وجملة النفي اى ليس فى موضع الحال من ضمير يحشرون فان المخوف هو الحشر على هذه الحال. وقوله من دونه حال من اسم ليس اى متجاوزا لله تعالى والمراد بالموصول المؤمنون العاصون كما فى اكثر التفاسير وانما نفى الشفاعة لغيره مع ان الأنبياء والأولياء يشفعون كما هو مذهب اهل السنة لانهم لا يشفعون الا باذنه فكانت الشفاعة فى الحقيقة من الله تعالى وقال المولى ابو السعود رحمه الله المراد بالموصول المجوزون من الكفار للحشر سواء كانوا جارمين بأصله كاهل الكتاب وبعض المشركين المعترفين بالبعث المترددين فى شفاعة آبائهم الأنبياء كالاولين او فى شفاعة الأصنام كالآخرين او مترددين فيهما معا كبعض الكفرة الذين يعلم من حالهم انهم إذا سمعوا بحديث البعث يخافون ان يكون حقا واما المنكرون للحشر رأسا والقائلون به القاطعون بشفاعة آبائهم او بشفاعة الأصنام فهم خارجون ممن امر بانذارهم انتهى فالكلام على هذا ظاهر لان الظالمين ليس لهم من حميم ولا شفيع يطاع لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ تعليل للامر اى

<<  <  ج: ص:  >  >>