للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو قرينه عليه السلام اسلم فلا يأمره إلا بخير بخلاف قرين كل واحد من الامة وفى الحديث (فضلت على آدم بخصلتين كان شيطانى كافرا فاعاننى الله عليه فاسلم وكان أزواجي عونا لى وكان شيطان آدم وزوجته عونا على خطيئته) ولما قال المسلمون لئن كنا نقوم كلما استهزؤا بالقرآن لم نستطع ان نجلس فى المسجد الحرام ونطوف بالبيت لانهم يخوضون ابدا رخص الله تعالى فى مجالستهم على سبيل الوعظ والتذكير فقال وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ الضمير فى حسابهم للخائضين ومن زائدة وشىء فى محل الرفع على انه مبتدأ للخبر المقدم وهو على الذين اى وما على المؤمنين الذين يجتنبون عن قبائح اعمال الخائضين وأقوالهم شىء مما يحاسبون عليه من الجرائم والآثام وَلكِنْ ذِكْرى اى ولكن عليهم ان يذكروهم ذكرى ويمنعوهم عن الخوض وغيره من القبائح بما أمكن من العظة والتذكير ويظهروا لهم الكراهة والنكير فنصب ذكرى على المصدرية والواو للعطف. ولكن خالص للاستدراك فلا يلزم الجمع بين حرفى العطف كما ان اللام مع سوف تخرج عن كونها للحال وتخلص للتأكيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى يجتنبون الخوض حياء وكراهة لمساءتهم وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً المراد بالموصول الكفار الخائضون فى الآيات ودينهم هو الذي كلفوه وأمروا باقامة مواجبه وهو دين الإسلام ومعنى اتخاذه لعبا ولهوا انهم سخروا به واستهزؤا. واللعب عمل يشغل النفس وينفرها عما تنتفع به. واللهو صرفها عن الجد الى الهزل وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا واطمأنوا بها حتى زعموا ان لاحياة بعدها ابدا والمعنى اعرض عنهم واترك معاشرتهم وملاطفتهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ولا تشغل قلبك بهم وليس المراد ان يترك إنذارهم لانه تعالى قال وَذَكِّرْ بِهِ اى بالقرآن من يصلح للتذكر أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ اى لئلا تسلم الى الهلاك وترهن بِما كَسَبَتْ بسبب ما عملت من القبائح. واصل البسل والابسال المنع ولذا صح استعمال الابسال فى معنى الإسلام الى الهلاك لان الإسلام الى الهلاك يستلزم المنع فانه إذا اسلم أحد الى الهلاك كان المسلم اليه وهو الهلاك يمنع المسلم وهو الشخص من الخروج عنه والخلاص منه وفى التفسير الفارسي للكاشفى [تا تسليم كرده نشود بهلاك يا رسوا نكرده نفس هر كافرى بسبب آنچهـ كرده است از بديها] لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ استئناف مسوق للاخبار بذلك والأظهر انه حال من نفس كأنه فى قوة نفس كافرة او نفوس كثيرة كما فى قوله تعالى عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ ومن دون الله حال من ولى اى ليس لتلك النفس غيره تعالى من يدفع عنها العذاب وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ اى تفد تلك النفس كل فداء بان جاءت مكانها بكل ما كان فى الأرض جميعا لا يُؤْخَذْ مِنْها اى لا يقبل فقوله كل عدل نصب على المصدر فالعدل هاهنا ليس بمعنى ما يفتدى به كما فى قوله تعالى لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ بل المراد المعنى المصدري فان قلت الاخذ يتعلق بالأعيان لا بالمعنى قلت نعم الا ان الامام قال الاخذ قد يستعمل بمعنى القبول كما فى قوله تعالى وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ اى يقبلها وإذا حمل الاخذ فى هذه الآية على القبول جاز اسناده الى المصدر بلا محذور والمقصود من هذه الآية بيان ان وجوه الخلاص منسدة على تلك النفس ومن أيقن بهذا كيف لا ترتعد فرائصه

<<  <  ج: ص:  >  >>